الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
فصل

في كرامات عمر

[يا سارية الجبل]

أخرج البيهقي، وأبو نعيم، كلاهما في «دلائل النبوة»، واللالكائي في «شرح السنة»، والديرعاقولي في «فوائده»، وابن الأعرابي في «كرامات الأولياء»، والخطيب في «رواة مالك » عن نافع، عن ابن عمر قال: (وجه عمر جيشا ورأس عليهم رجلا يدعى سارية، فبينما عمر يخطب... جعل ينادي: يا سارية الجبل ; ثلاثا، ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر فقال: يا أمير المؤمنين ; هزمنا فبينا نحن كذلك.. إذ سمعنا صوتا ينادي: يا سارية ; الجبل، ثلاثا، فأسندنا ظهرنا إلى الجبل فهزمهم الله، قال: قيل لعمر: إنك كنت تصيح بذلك) قال ابن حجر في «الإصابة»: (إسناده حسن).

وأخرج ابن مردويه من طريق ميمون بن مهران عن ابن عمر قال: (كان عمر يخطب يوم الجمعة، فعرض في خطبته أن قال: يا سارية ; الجبل، من استرعى الذئب... ظلم، فالتفت الناس بعضهم إلى بعض، فقال لهم علي: ليخرجن مما قال، فلما فرغ... سألوه، فقال: وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا، وإنهم يمرون بجبل، فإن عدلوا إليه.. قاتلوا من وجه واحد، وإن جازوا.. هلكوا، فخرج مني ما تزعمون أنكم سمعتموه، قال: فجاء البشير بعد شهر، [ ص: 230 ] فذكر أنهم سمعوا صوت عمر في ذلك اليوم، قال: فعدلنا إلى الجبل ففتح الله علينا).

وأخرج أبو نعيم في «الدلائل» عن عمرو بن الحارث قال: (بينما عمر يخطب يوم الجمعة إذ ترك الخطبة فقال: يا ساري ; الجبل، مرتين أو ثلاثا، ثم أقبل على خطبته، فقال بعض الحاضرين: لقد جن، إنه لمجنون، فدخل عليه عبد الرحمن بن عوف وكان يطمئن إليه، فقال: إنك لتجعل لهم على نفسك مقالا بينا، أنت تخطب إذ أنت تصيح يا ساري ; الجبل، أي شيء هذا؟

قال: إني والله ; ما ملكت ذلك، رأيتهم يقاتلون عند جبل يؤتون من بين أيديهم ومن خلفهم، فلم أملك أن قلت: يا ساري الجبل، ليلحقوا بالجبل، فلبثوا إلى أن جاء رسول سارية بكتابه: إن القوم لقونا يوم الجمعة فقاتلناهم، حتى إذا حضرت الجمعة.. سمعنا مناديا ينادي: يا ساري الجبل، مرتين، فلحقنا بالجبل فلم نزل قاهرين لعدونا حتى هزمهم الله وقتلهم، فقال أولئك الذين طعنوا عليه: دعوا هذا الرجل ; فإنه مصنوع له).

التالي السابق


الخدمات العلمية