الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[رؤيا الواثق وتأويلها ]

وقال الحسين بن يحيى : (رأى الواثق في النوم كأنه يسأل الله الجنة ، وأن قائلا يقول له : لا يهلك على الله إلا من قلبه مرت ، فأصبح فسأل الجلساء عن ذلك ، فلم يعرفوا معناه ، فوجه إلى أبي محلم وأحضره ، فسأله عن الرؤيا والمرت .

فقال أبو محلم : المرت : القفر الذي لا ينبت شيئا ، فالمعنى على هذا : لا يهلك على الله إلا من قلبه خال من الإيمان خلو المرت من النبات .

فقال له الواثق : أريد شاهدا من الشعر في المرت ، فبادر بعض من حضر فأنشده بيتا لبني أسد :


ومرت مروراة يحار بها القطا ويصبح ذو علم بها وهو جاهل

فضحك أبو محلم ، وقال : والله لا أبرح حتى أنشدك ، فأنشده للعرب مائة قافية معروفة لمائة شاعر معروف ، في كل بيت ذكر المرت ، فأمر له الواثق بمائة ألف دينار .

وقال حمدون بن إسماعيل : (ما كان في الخلفاء أحد أحلم من الواثق ، ولا أصبر على أذى ولا خلاف منه ) .

وقال أحمد بن حمدون : (دخل هارون بن زياد مؤدب الواثق إليه ، فأكرمه إلى الغاية ، فقيل له : من هذا يا أمير المؤمنين الذي فعلت به هذا الفعل ؟

[ ص: 534 ] قال : هذا أول من فتق لساني بذكر الله ، وأدناني من رحمة الله ) .

ومن مديح علي بن الجهم فيه :


وثقت بالملك الوا     ثق بالله النفوس
ملك يشقى به الما     ل ولا يشقى الجليس
أسد يضحك من شد     اته الحرب العبوس
أنس السيف به واس     توحش العلق النفيس
يا بني العباس يأبى اللـ     ـه إلا أن تروسوا

التالي السابق


الخدمات العلمية