الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 663 ] خلافة المسترشد بالله

[512 - 529 هـ]

أبو منصور، الفضل بن المستظهر بالله، ولد في ربيع الأول، سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وبويع له بالخلافة عند موت أبيه في ربيع الآخر، سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.

وكان ذا همة عالية، وشهامة زائدة، وإقدام ورأي وهيبة شديدة، ضبط أمور الخلافة ورتبها أحسن ترتيب، وأحيا رسم الخلافة ونشر عظامها، وشيد أركان الشريعة وطرز أكمامها، وباشر الحروب بنفسه، وخرج عدة نوب إلى الحلة والموصل وطريق خراسان، إلى أن خرج النوبة الأخيرة وكسر جيشه بقرب همذان، وأخذ أسيرا إلى أذربيجان.

وقد سمع الحديث من أبي القاسم بن بيان، وعبد الوهاب بن هبة الله السيبي .

وروى عنه: محمد بن عمر بن مكي الأهوازي، ووزيره علي بن طراد، وإسماعيل بن طاهر الموصلي، ذكر ذلك ابن السمعاني .

وذكره ابن الصلاح في «طبقات الشافعية» -وناهيك بذلك- فقال: (هو الذي صنف له أبو بكر الشاشي كتابه «العمدة» في الفقه، وبلقبه اشتهر الكتاب; فإنه حينئذ يلقب: عمدة الدنيا والدين).

ذكره ابن السبكي في «طبقات الشافعية» فقال: (كان في أول أمره تنسك [ ص: 664 ] ولبس الصوف، وانفرد في بيت للعبادة، وكان مولده يوم الأربعاء، ثامن عشر شعبان، سنة ست وثمانين وأربعمائة.

وخطب له أبوه بولاية العهد، ونقش اسمه على السكة في شهر ربيع الأول، سنة ثمان وثمانين، وكان مليح الخط، ما كتب أحد من الخلفاء قبله مثله، يستدرك على كتابه، ويصلح أغاليط في كتبهم.

وأما شهامته وهيبته وشجاعته وإقدامه... فأمر أشهر من الشمس، ولم تزل أيامه مكدرة بكثرة التشويش والمخالفين، وكان يخرج بنفسه لدفع ذلك، إلى أن خرج الخرجة الأخيرة إلى العراق، فكسر وأخذ، ورزق الشهادة.

التالي السابق


الخدمات العلمية