الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[نشأة عمر بن عبد العزيز وصلاحه]

جمع القرآن وهو صغير، وبعثه أبوه إلى المدينة يتأدب بها، فكان يختلف إلى عبيد الله بن عبد الله يسمع منه العلم، فلما توفي أبوه... طلبه عبد الملك إلى دمشق، وزوجه ابنته فاطمة.

وكان قبل الخلافة على قدم الصلاح أيضا، إلا أنه كان يبالغ في التنعم، فكان الذين يعيبونه من حساده لا يعيبونه إلا بالإفراط في التنعم، والاختيال في المشية.

فلما ولي الوليد الخلافة... أمر عمر على المدينة، فوليها من سنة ست وثمانين إلى سنة ثلاث وتسعين، وعزل، فقدم الشام.

ثم إن الوليد عزم على أن يخلع أخاه سليمان من العهد، وأن يعهد إلى ولده، فأطاعه كثير من الأشراف طوعا وكرها، فامتنع عمر بن عبد العزيز، وقال (لسليمان: في أعناقنا بيعة)، وصمم، فطين عليه الوليد، ثم شفع فيه بعد ثلاث، فأدركوه وقد مالت عنقه، فعرفها له سليمان، فعهد إليه بالخلافة.

[ ص: 376 ] قال زيد بن أسلم: عن أنس رضي الله عنه: (ما صليت وراء إمام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى - يعني: عمر بن عبد العزيز -، وهو أمير على المدينة.

قال زيد بن أسلم: (فكان يتم الركوع والسجود، ويخفف القيام والقعود)، له طرق عن أنس. أخرجه البيهقي في «سننه» وغيره.

وسئل محمد بن علي بن الحسين عن عمر بن عبد العزيز فقال: (هو نجيب بني أمية، وإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده).

وقال ميمون بن مهران: (كانت العلماء مع عمر بن عبد العزيز تلامذة).

وأخرج أبو نعيم بسند صحيح عن رياح بن عبيدة قال: (خرج عمر بن عبد العزيز إلى الصلاة وشيخ متوكئ على يده، فقلت في نفسي: إن هذا الشيخ جاف!! فلما صلى ودخل... لحقته، فقلت: أصلح الله الأمير؛ من الشيخ الذي كان يتكئ على يدك؟

قال: يا رياح؛ رأيته؟ قلت: نعم، قال: ما أحسبك إلا رجلا صالحا؛ ذاك أخي الخضر أتاني فأعلمني أني سألي أمر هذه الأمة، وأني سأعدل فيها).

وأخرج أيضا عن أبي هاشم: أن رجلا جاء إلى عمر بن عبد العزيز فقال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، فإذا رجلان يختصمان وأنت بين يديه جالس، فقال لك: «يا عمر؛ إذا عملت.. فاعمل بعمل هذين» - لأبي بكر وعمر، فاستحلف له عمر: بالله لرأيت هذا؟ فحلف له، فبكى عمر).

التالي السابق


الخدمات العلمية