الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 686 ] خلافة الناصر لدين الله

[575 - 622 هـ]

أحمد، أبو العباس بن المستضيء بأمر الله، ولد يوم الاثنين عاشر رجب، سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، وأمه: تركية، اسمها: زمرد، وبويع له عند موت أبيه في مستهل ذي القعدة، سنة خمس وسبعين.

وأجاز له جماعة; منهم: أبو الحسين عبد الحق اليوسفي، وأبو الحسن علي بن عساكر البطائحي، وشهدة.

وأجاز هو لجماعة، فكانوا يحدثون عنه في حياته، ويتنافسون في ذلك; رغبة في الفخر لا في الإسناد.

قال الذهبي : (ولم يل الخلافة أحد أطول مدة منه); فإنه أقام فيها سبعة وأربعين سنة.

ولم تزل مدة حياته في عز وجلالة وقمع للأعداء، واستظهار على الملوك، ولم يجد ضيما، ولا خرج عليه خارجي إلا قمعه، ولا مخالف إلا دمغه، وكل من أضمر له سوءا... رماه الله بالخذلان.

وكان مع سعادة جده شديد الاهتمام بمصالح الملك، لا يخفى عليه شيء من أحوال رعيته كبارهم وصغارهم، وأصحاب أخباره في أقطار البلاد يوصلون إليه أحوال الملوك الظاهرة والباطنة.

وكانت له حيل لطيفة، ومكائد غامضة، وخدع لا يفطن لها أحد، يوقع الصداقة بين ملوك متعادين وهم لا يشعرون، ويوقع العداوة بين ملوك متفقين وهم لا يفطنون.

التالي السابق


الخدمات العلمية