الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 397 ] [وصيته وعهده لمن بعده

وقال قتادة: (كتب عمر بن عبد العزيز إلى ولي العهد من بعده:

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد الله عمر بن عبد العزيز إلى يزيد بن عبد الملك، سلام عليك؛ فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.

أما بعد: فإني كتبت وأنا دنف من وجعي، وقد علمت أني مسئول عما وليت، يحاسبني عليه مليك الدنيا والآخرة، ولست أستطيع أن أخفي عليه من عملي شيئا، فإن يرض عني... فقد أفلحت ونجوت من الهوان الطويل، وإن سخط علي... فيا ويح نفسي إلام أصير؟!

أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يجيرني من النار برحمته، وأن يمن علي برضوانه والجنة، فعليك بتقوى الله، الرعية الرعية، فإنك لن تبقى بعدي إلا قليلا والسلام).

أسند هذا كله أبو نعيم في «الحلية».

توفي عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه بدير سمعان - بكسر السين - من أعمال حمص لعشر بقين - وقيل: لخمس بقين - من رجب، سنة إحدى ومائة، وله حينئذ تسع وثلاثون سنة وستة أشهر، وكانت وفاته بالسم، كانت بنو أمية قد تبرموا به؛ لكونه شدد عليهم، وانتزع من أيديهم كثيرا مما غصبوه، وكان قد أهمل التحرز فسقوه السم.

قال مجاهد: (قال لي عمر بن عبد العزيز: ما يقول الناس في؟ قلت: يقولون: مسحور، قال: ما أنا بمسحور، وإني لأعلم الساعة التي سقيت فيها، ثم دعا غلاما له فقال: ويحك!! ما حملك على أن تسقيني السم؟!

قال: ألف دينار أعطيتها، وعلى أن أعتق، قال: هاتها، قال: فجاء بها، [ ص: 398 ] فألقاها في بيت المال، وقال: اذهب حيث لا يراك أحد).

التالي السابق


الخدمات العلمية