الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[الخلاف بين المعتمد وأخيه الموفق والحجر على المعتمد ]

وفي سنة تسع وستين : اشتد تخيل المعتمد من أخيه الموفق ، فإنه كان خرج عليه في سنة أربع وستين ، ثم اصطلحا ، فلما اشتد تخيله منه هذا العام . . . كاتب المعتمد أحمد بن طولون نائبه بمصر ، واتفقا على أمر ، فخرج ابن طولون حتى قدم دمشق ، وخرج المعتمد من سامراء على وجه التنزه وقصده دمشق .

فلما بلغ ذلك الموفق . . . كتب إلى إسحاق بن كنداج ليرده ، فركب ابن كنداج من نصيبين إلى المعتمد ، فلقيه بين الموصل والحديثة ، فقال : (يا أمير المؤمنين; أخوك في وجه العدو وأنت تخرج عن مستقرك ودار ملكك ؟ ! ومتى صح هذا عنده . . . رجع عن مقاومة الخارجي; فيغلب عدوك على دار آبائك . . . ) ، في كلمات أخر .

ثم وكل بالمعتمد جماعة ، ورسم على طائفة من خواصه ، ثم بعث إلى المعتمد يقول : (ما هذا بمقام فارجع ) ، فقال : المعتمد : (فاحلف لي أنك تنحدر معي ولا تسلمني ) ، فحلف له .

[ ص: 567 ] وانحدر إلى سامراء ، فتلقاه صاعد بن مخلد كاتب الموفق ، فسلمه إسحاق إليه ، فأنزله في دار أحمد بن الخصيب ، ومنعه من نزول دار الخلافة ، ووكل به خمسمائة رجل يمنعون من الدخول إليه .

ولما بلغ الموفق ذلك . . . بعث إلى إسحاق بخلع وأموال ، وأقطعه ضياع القواد الذين كانوا مع المعتمد ، ولقبه ذا السندين ، ولقب صاعدا : ذا الوزارتين ، وأقام صاعد في خدمة المعتمد; ولكن ليس للمعتمد حل ولا ربط ، وقال المعتمد في ذلك :


أليس من العجائب أن مثلي يرى ما قل ممتنعا عليه ؟     وتؤكل باسمه الدنيا جميعا
وما من ذاك شيء في يديه     إليه تحمل الأموال طرا
ويمنع بعض ما يجبى إليه

وهو أول خليفة قهر وحجر عليه ووكل به .

التالي السابق


الخدمات العلمية