الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[الفرق بين الخليفة والملك]

وأخرج ابن سعد عن زاذان، عن سلمان: (أن عمر قال له: أملك أنا أم خليفة؟ فقال له سلمان: إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر، ثم وضعته في غير حقه.. فأنت ملك غير خليفة، فاستعبر عمر).

وأخرج عن سفيان بن أبي العوجاء قال: قال عمر بن الخطاب: (والله؛ ما أدري أخليفة أنا أم ملك؛ فإن كنت ملكا.. فهذا أمر عظيم).

فقال قائل: يا أمير المؤمنين؛ إن بينهما فرقا، قال: (ما هو؟)، قال: الخليفة لا يأخذ إلا حقا، ولا يضعه إلا في حق، وأنت بحمد الله كذلك، والملك يعسف الناس؛ فيأخذ من هذا ويعطي هذا. فسكت عمر.

وأخرج عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: (ركب عمر فرسا، فانكشف ثوبه عن فخذه، فرأى أهل نجران بفخذه شامة سوداء، فقالوا: هذا الذي نجد في كتابنا أنه يخرجنا من أرضنا).

[ ص: 250 ] وأخرج عن سعد الجاري: أن كعب الأحبار قال لعمر: (إنا لنجدك في كتاب الله على باب من أبواب جهنم تمنع الناس أن يقعوا فيها، فإذا مت.. لم يزالوا يقتحمون فيها إلى يوم القيامة).

وأخرج عن أبي معشر قال: حدثنا أشياخنا: أن عمر قال: (إن هذا الأمر لا يصلح إلا بالشدة التي لا جبرية فيها، وباللين الذي لا وهن فيه).

وأخرج ابن أبي شيبة في «المصنف» عن حكيم بن عمير قال: كتب عمر بن الخطاب: (ألا لا يجلدن أمير جيش ولا سرية أحدا الحد حتى يطلع الدرب؛ لئلا تحمله حمية الشيطان أن يلحق بالكفار).

وأخرج ابن أبي حاتم في «تفسيره» عن الشعبي قال: (كتب قيصر إلى عمر بن الخطاب: إن رسلي أتتني من قبلك، فزعمت أن قبلكم شجرة ليست بخليقة بشيء من الخير، تخرج مثل آذان الحمير، ثم تشقق مثل اللؤلؤ، ثم تخضر فتكون مثل الزمرد الأخضر، ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر، ثم تينع فتنضج فتكون كأطيب فالوذج أكل، ثم تيبس فتكون عصمة للمقيم، وزادا للمسافر، فإن تكن رسلي صدقتني.. فلا أدري هذه الشجرة إلا من شجر الجنة.

فكتب إليه عمر: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى قيصر ملك الروم: إن رسلك قد صدقوك، هذه الشجرة عندنا هي الشجرة التي أنبتها الله على مريم حين نفست بعيسى ابنها، فاتق الله ولا تتخذ عيسى إلها من دون الله، فـ { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب } الآية..

التالي السابق


الخدمات العلمية