الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 553 ] خلافة المنتصر بالله محمد

[247 248 هـ ]

المنتصر بالله محمد أبو جعفر

أبو جعفر ، وقيل : أبو عبد الله - بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد
، أمه : أم ولد رومية ، اسمها : حبشية ، وكان مليح الوجه ، أسمر ، أعين ، أقنى ، ربعة جسيما بطينا ، مليحا مهيبا ، وافر العقل ، راغبا في الخير ، قليل الظلم ، محسنا إلى العلويين ، وصولا لهم ، أزال عن آل أبي طالب ما كانوا فيه من الخوف والمحنة بمنعهم من زيارة قبر الحسين ، ورد على آل الحسين فدك ، فقال يزيد المهلبي في ذلك :


ولقد بررت الطالبية بعدما ذموا زمانا بعدها وزمانا     ورددت ألفة هاشم فرأيتهم
بعد العداوة بينهم إخوانا

بويع له بعد قتل أبيه في شوال ، سنة سبع وأربعين ومائتين ، فخلع أخويه المعتز والمؤيد من ولاية العهد الذي عقده لهما المتوكل بعده ، وأظهر العدل والإنصاف في الرعية ، فمالت إليه القلوب مع شدة هيبتهم له ، وكان كريما حليما .

ومن كلامه : (لذة العفو أعذب من لذة التشفي ، وأقبح أفعال المقتدر الانتقام ) .

ولما ولي . . . صار يسب الأتراك ، ويقول : هؤلاء قتلة الخلفاء ، فعملوا عليه ، وهموا به ، فعجزوا عنه; لأنه كان مهيبا شجاعا ، فطنا متحرزا ، فتحيلوا إلى أن دسوا إلى طبيبه ابن طيفور ثلاثين ألف دينار في مرضه ، فأشار بفصده ، ثم فصده بريشة مسمومة فمات .

[ ص: 554 ] ويقال : إن ابن طيفور نسي ومرض ، فأمر غلامه ففصده بتلك الريشة فمات أيضا .

قيل : بل سم في كمثراة ، وقيل : مات بالخوانيق .

ولما احتضر . . . قال : (يا أماه; ذهبت مني الدنيا والآخرة ، عاجلت أبي فعوجلت ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية