الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[أول خروج التتار]

ثم كان أول خروجهم في سنة ست وستمائة من بلادهم إلى نواحي الترك وفرغانة، فأرسل خوارزم شاه محمد بن تكش صاحب خراسان الذي أباد الملوك [ ص: 713 ] وأخذ الممالك، وعزم على قصد الخليفة، فلم يتهيأ له كما تقدم، فأمر أهل فرغانة والشاش وكاسان وتلك البلاد النزهة العامرة بالجلاء والجفل إلى سمرقند وغيرها، ثم خربها جميعا; خوفا من التتار أن يملكوها; لعلمه أنه لا طاقة له.

ثم صار التتار يتخطفون ويتنقلون إلى سنة خمس عشرة، فأرسل فيها جنكز خان إلى السلطان خوارزم شاه رسلا وهدايا، وقال الرسول: إن القان الأعظم يسلم عليك ويقول لك: ليس يخفى علي عظم شأنك، وما بلغت من سلطانك ونفوذ حكمك على الأقاليم، وأنا أرى مسالمتك من جملة الواجبات، وأنت عندي مثل أعز أولادي، وغير خاف عنك أنني ملكت الصين، وأنت أخبر الناس ببلادي وأنها مثارات العساكر والخيول ومعادن الذهب والفضة، وفيها كفاية عن غيرها، فإن رأيت أن تعقد بيننا المودة، وتأمر التجار بالسفر لتعم المصلحتين... فعلت.

فأجابه خوارزم شاه إلى ملتمسه، وسر جنكزخان بذلك، واستمر الحال على المهادنة إلى أن وصل من بلاده تجار.

التالي السابق


الخدمات العلمية