الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (47) قوله : ولولا أن تصيبهم : هي الامتناعية. وأن وما في حيزها في موضع رفع بالابتداء. أي: ولولا إصابتهم المصيبة. وجوابها محذوف فقدره الزجاج : "ما أرسلنا إليهم رسلا" يعني: أن الحامل على إرسال الرسل إزاحة عللهم بهذا القول فهو كقوله: "لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل". وقدره ابن عطية: "لعاجلناهم" ولا معنى لهذا.

                                                                                                                                                                                                                                      و "فيقولوا" عطف [على] "تصيبهم"، و " لولا " الثانية تحضيض و "فنتبع" جوابه، فلذلك نصب بإضمار "أن". قال الزمخشري: "فإن قلت: كيف استقام هذا المعنى، وقد جعلت العقوبة هي السببية لا القول; لدخول حرف الامتناع عليه دونه؟ قلت: القول هو المقصود بأن يكون سببا للإرسال ولكن العقوبة لما كانت هي السبب للقول، وكان وجوده بوجودها جعلت العقوبة كأنها سبب للإرسال بواسطة القول فأدخلت عليها "لولا". وجيء بالقول معطوفا عليها بالفاء المعطية معنى السببية، ويؤول معناه إلى قولك: "ولولا قولهم هذا إذا أصابتهم مصيبة لما أرسلنا" ولكن اختيرت هذه الطريقة لنكتة: وهي أنهم لو لم يعاقبوا مثلا على كفرهم وقد عاينوا ما ألجئوا به إلى العلم اليقين لم يقولوا: لولا أرسلت إلينا رسولا، وإنما السبب في قولهم هذا هو العقاب لا غير، لا التأسف على ما فاتهم من الإيمان بخالقهم".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية