الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (19) قوله : هذان خصمان : الخصم في الأصل: مصدر; ولذلك يوحد ويذكر غالبا، وعليه قوله تعالى: "نبأ الخصم إذ تسوروا". ويجوز أن يثنى ويجمع ويؤنث، وعليه هذه الآية. ولما كان كل خصم فريقا يجمع طائفة قال: "اختصموا" بصيغة الجمع كقوله: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا" فالجمع مراعاة للمعنى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن أبي عبلة "اختصما" مراعاة للفظه وهي مخالفة للسواد. وقال [ ص: 248 ] أبو البقاء: "وأكثر الاستعمال توحيده فمن ثناه وجمعه حمله الصفات والأسماء، و "اختصموا" إنما جمع حملا على المعنى لأن كل خصم [فريق] تحته أشخاص". وقال الزمخشري: "الخصم صفة وصف بها الفوج أو الفريق فكأنه قيل: هذان فوجان أو فريقان مختصمان. وقوله: "هذان" للفظ، و "اختصموا" للمعنى كقوله: "ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا" ولو قيل: هؤلاء خصمان أو اختصما جاز أن يراد: المؤمنون والكافرون". قلت: إن عنى بقوله: "إن "خصما" صفة" بطريق الاستعمال المجازي فمسلم; لأن المصدر يكثر الوصف به، وإن أراد أنه صفة حقيقة فخطؤه ظاهر لتصريحهم بأن نحو "رجل خصم" مثل "رجل عدل" وقوله: "هذان للفظ" أي: إنما أشير إليهم إشارة المثنى وإن كان في الحقيقة المراد الجمع، باعتبار لفظ الفوجين والفريقين ونحوهما. وقوله كقولهم: " ومنهم من يستمع " إلى آخره فيه نظر; لأن في تيك الآية تقدم شيء له لفظ ومعنى، وهو "من"، وهنا لم يتقدم شيء له لفظ ومعنى. وقوله تعالى: "في ربهم" أي: في دين ربهم، فلا بد من حذف مضاف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الكسائي - في رواية عنه- "خصمان" بكسر الخاء. وقوله: "فالذين كفروا" هذه الجملة تفصيل وبيان لفصل الخصومة المعني بقوله تعالى: "إن الله يفصل بينهم" قاله الزمخشري. وعلى هذا فيكون "هذان [ ص: 249 ] خصمان" معترضا. والجملة من "اختصموا" حالية، وليست مؤكدة; لأنها أخص من مطلق الخصومة المفهومة من "خصمان".

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الزعفراني في اختياره "قطعت" مخفف الطاء. والقراءة المشهورة تفيد التكثير، وهذه تحتمله.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "يصب" هذه الجملة تحتمل أن تكون خبرا ثانيا للموصول، وأن تكون حالا من الضمير في "لهم"، وأن تكون مستأنفة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية