الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (56) قوله : الذي فطرهن : يجوز أن يكون مرفوع الموضع، أو منصوبه على القطع. والضمير المنصوب في "فطرهن" للسماوات والأرض. قال الشيخ: "ولما لم تكن السماوات والأرض تبلغ في العدد الكثير منه جاء الضمير ضمير القلة". قلت: إن عنى لم يبلغ كل واحد من السماوات والأرض فمسلم، ولكنه غير مراد بل المراد المجموع. وإن عنى لم يبلغ المجموع منهما فغير مسلم; لأنه يبلغ أربع عشرة، وهو في حد جمع الكثرة، [ ص: 171 ] اللهم إلا أن نقول: إن الأرض شخص واحد، وليست بسبع كالسماء على ما رآه بعضهم فيصح له ذلك ولكنه غير معول عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: على التماثيل. قال الزمخشري: "وكونه للتماثيل أثبت لتضليلهم، وأدخل في الاحتجاج عليهم". وقال ابن عطية: "فطرهن عبارة عنها كأنها تعقل، وهذه من حيث لها طاعة وانقياد، وقد وصفت في مواضع بوصف من يعقل". وقال غيره: "فطرهن: أعاد ضمير من يعقل لما صدر منهن من الأحوال التي تدل على أنها من قبيل من يعقل; فإن الله تعالى أخبر بقوله: "أتينا طائعين". وقوله عليه السلام: "أطت السماء وحق لها أن تئط".

                                                                                                                                                                                                                                      قلت: كأن ابن عطية وهذا القائل توهما أن "هن" من الضمائر المختصة بالمؤنثات العاقلات، وليس كذلك بل هو لفظ مشترك بين العاقلات وغيرها. قال تعالى: "منها أربعة حرم". ثم قال تعالى: "فلا تظلموا فيهن".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "على ذلكم" متعلق بمحذوف، أو بـ "الشاهدين" اتساعا، أو على البيان. وقد تقدم نظيره نحو: "لكما لمن الناصحين".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية