الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (31) قوله : ألا تعلوا : فيه أوجه، أحدها: أن "أن" [ ص: 610 ] مفسرة، كما تقدم في أحد الأوجه في "أن" قبلها في قراءة عكرمة، ولم يذكر الزمخشري غيره. وهو وجه حسن لما في ذلك من المشاكلة: وهو عطف الأمر عليه وهو قوله "وأتوني". والثاني: أنها مصدرية في محل رفع بدلا من "كتاب" كأنه قيل: ألقي إلي: أن لا تعلوا علي. والثالث: أنها في موضع رفع على خبر ابتداء مضمر أي: هو أن لا تعلوا. والرابع: أنها على إسقاط الخافض أي: بأن لا تعلوا، فيجيء في موضعها القولان المشهوران. والظاهر أن "لا" في هذه الأوجه الثلاثة للنهي. وقد تقدم أن "أن" المصدرية توصل بالمتصرف مطلقا. وقال الشيخ: "وأن في قوله: "ألا تعلوا علي" في موضع رفع على البدل من "كتاب". وقيل: في موضع نصب على [معنى]: بأن لا تعلوا. وعلى هذين التقديرين تكون "أن" ناصبة للفعل". قلت: وظاهر هذا أنها نافية; إذ لا يتصور أن تكون ناهية بعد "أن" الناصبة للمضارع. ويؤيد هذا ما حكاه عن الزمخشري فإنه قال: "وقال الزمخشري: وأن في "أن لا تعلوا" مفسرة" قال: "فعلى هذه تكون "لا" في "لا تعلوا" للنهي، وهو حسن لمشاكلة عطف الأمر عليه". فقوله: "فعلى هذا" إلى آخره صريح أنها على غير هذا - يعني الوجهين المتقدمين- ليست للنهي [ ص: 611 ] فيهما. ثم القول بأنها للنفي لا يظهر; إذ يصير المعنى على الإخبار منه عليه السلام بأنهم لا يعلون عليه، وليس هذا مقصودا، وإنما المقصود أن ينهاهم عن ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن عباس والعقيلي "تغلوا" بالغين معجمة من الغلو وهو مجاوزة الحد.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية