الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (20) قوله : إلا إنهم ليأكلون : في هذه الجملة ثلاثة أوجه، أحدها: أنها في محل نصب صفة لمفعول محذوف، فقدره الزمخشري تابعا للزجاج: "وما أرسلنا قبلك أحدا من المرسلين إلا آكلين وماشين" وإنما حذف لمكان الجار بعده. وقدره ابن عطية: "رجالا أو رسلا". والضمير في "إنهم" وما بعده عائد على هذا الموصوف المحذوف. والثاني: أنه لا محل لها من الإعراب، وإنما هي صلة لموصول محذوف هو المفعول لأرسلنا، تقديره: إلا من إنهم، فالضمير في "إنهم" وما بعده عائد [ ص: 469 ] على معنى "من" المقدرة، وإليه ذهب الفراء. وهو مردود: بأن حذف الموصول لا يجوز إلا في مواضع تقدم التنبيه عليها في البقرة. الثالث: أن الجملة محلها النصب على الحال. وإليه ذهب أبو بكر بن الأنباري. قال: التقدير: إلا وإنهم، يعني أنها حالية، فقدر معها الواو بيانا للحالية. ورد: بكون ما بعد " إلا " صفة لما قبلها. وقدره أبو البقاء أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      والعامة على كسر "إن" لوجود اللام في خبرها، ولكون الجملة حالا على الراجح. قال أبو البقاء: "وقيل: لو لم تكن اللام لكسرت أيضا; لأن الجملة حالية، إذ المعنى: إلا وهم [يأكلون]". وقرئ "أنهم" بالفتح على زيادة اللام، و "أن" مصدرية. التقدير: إلا لأنهم. أي: ما جعلناهم رسلا إلى الناس إلا لكونهم مثلهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ العامة "يمشون" خفيفة. وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعبد الله "يمشون" مشددا مبنيا للمفعول. أي: تمشيهم حوائجهم أو الناس. وقرأ [أبو] عبد الرحمن "يمشون" بالتشديد مبنيا للفاعل، وهي بمعنى "يمشون". قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      3479 - ومشى بأعطان المباءة وابتغى قلائص منها صعبة وركوب



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 470 ] قال الزمخشري: "ولو قرئ "يمشون" لكان أوجه، لولا الرواية" يعني بالتشديد. قلت: قد قرأ بها السلمي ولله الحمد.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "أتصبرون" المعادل محذوف أي: أم لا تصبرون. وهذه الجملة الاستفهامية قال الزمخشري: "موقعها بعد الفتنة موقع "أيكم" بعد الابتلاء في قوله " ليبلوكم أيكم أحسن " يعني أنها معلقة لما فيها من معنى فعل القلب، فتكون منصوبة المحل على إسقاط الخافض.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية