الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (28) قوله : هذا : يجوز أن يكون صفة لـ "كتابي" أو بدلا منه أو بيانا له.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "فألقه" قرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر بإسكان الهاء، وقالون [ ص: 607 ] بكسرها فقط من غير صلة بلا خلاف عنه. وهشام عنه وجهان بالقصر والصلة. والباقون بالصلة بلا خلاف. وقد تقدم توجيه ذلك كله في آل عمران والنساء وغيرهما عند "يؤده إليك" و "نوله ما تولى". وقرأ مسلم بن جندب بضم الهاء موصولة بواو: "فألقهو إليهم" وقد تقدم أن الضم الأصل.

                                                                                                                                                                                                                                      [قوله:] "ثم تول عنهم" زعم أبو علي وغيره أن في الكلام تقديما وأن الأصل: فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم. ولا حاجة إلى هذا [لأن المعنى بدونه صحيح أي: قف قريبا منهم لتنظر ماذا يكون].

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "ماذا يرجعون" إن جعلنا "انظر" بمعنى تأمل وتفكر كانت "ما" استفهامية. وفيها حينئذ وجهان، أحدهما: أن تجعل مع "ذا" بمنزلة اسم واحد، وتكون مفعولة بـ " يرجعون " تقديره: أي شيء يرجعون. والثاني: أن تجعل "ما" مبتدأ، و "ذا" بمعنى الذي و "يرجعون" صلتها، وعائدها محذوف تقديره: أي شيء الذي يرجعونه. وهذا الموصول هو خبر "ما" الاستفهامية، وعلى التقديرين فالجملة الاستفهامية معلقة لـ "انظر" فمحلها النصب على إسقاط الخافض أي: انظر في كذا وفكر فيه، وإن جعلناه بمعنى انتظر من قوله: "انظرونا نقتبس من نوركم" كانت "ماذا" بمعنى الذي، و " يرجعون " [ ص: 608 ] صلة، والعائد مقدر كما مر تقريره. وهذا الموصول مفعول به أي: انتظر الذي يرجعونه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الشيخ: "وماذا: إن كان معنى "انظر" معنى التأمل بالفكر كان "انظر" معلقا. و "ماذا": إما أن يكون استفهاما في موضع نصب، وإما أن يكون "ما" استفهاما، وذا موصول بمعنى الذي. فعلى الأول يكون "يرجعون" خبرا عن "ماذا"، وعلى الثاني يكون "ذا" هو الخبر، ويرجعون صلة" انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا غلط: إما من الكاتب، وإما من غيره; وذلك أن قوله "فعلى الأول" يعني به أن "ماذا" كله استفهام في موضع نصب يمنع قوله: "يرجعون" خبر عن "ماذا". كيف يكون خبرا عنه وهو منصوب به كما تقدم تقريره؟ وقد صرح هو بأنه منصوب يعنى بما بعده، ولا يعمل فيه ما قبله. وهذا نظير ما تقدم في آخر السورة قبلها في قوله: "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" في كون اسم الاستفهام معمولا لما بعده، وهو معلق لما قبله، فكما حكمت على الجملة من "ينقلبون" وما اشتملت عليه من اسم الاستفهام المعمول لها بالنصب على سبيل التعليق، كذلك تحكم على "يرجعون" فكيف تقول: إنها خبر عن "ماذا"؟.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية