الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (11) قوله : إن الذين جاءوا بالإفك : في خبر "إن" وجهان، أحدهما: أنه " عصبة " و " منكم " صفته. قال أبو البقاء: "وبه أفاد الخبر". والثاني: أن الخبر الجملة من قوله "لا تحسبوه" ويكون "عصبة" بدلا من فاعل "جاؤوا". قال ابن عطية: "التقدير: إن فعل الذين. وهذا أنسق [ ص: 389 ] في المعنى وأكثر فائدة من أن يكون "عصبة" خبر إن. كذا أورده عنه الشيخ غير معترض عليه. والاعتراض عليه واضح: من حيث إنه أوقع خبر "إن" جملة طلبية، وقد تقدم أنه لا يجوز. وإن ورد منه شيء في الشعر أول كالبيتين المتقدمين، وتقدير ابن عطية ذلك المضاف قبل الموصول ليصح به التركيب الكلامي; إذ لو لم يقدر لكان التركيب: لا تحسبوهم. ولا يعود الضمير في "لا تحسبوه" على قول ابن عطية على الإفك لئلا تخلو الجملة من رابط يربطها بالمبتدأ. وفي قول غيره يجوز أن يعود على الإفك أو على القذف، أو على المصدر المفهوم من "جاؤوا" أو على ما نال المسلمين من الغم.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "كبره" العامة على كسر الكاف، وضمها في قراءته الحسن والزهري وأبو رجاء وأبو البرهسم وابن أبي عبلة ومجاهد وعمرة بنت عبد الرحمن، ورويت أيضا عن أبي عمرو والكسائي فقيل: هما لغتان في مصدر كبر الشيء أي: عظم، لكن غلب في الاستعمال أن المضموم في السن والمكانة يقال: هو كبر القوم بالضم أي: أكبرهم سنا أو مكانة. وفي الحديث - في قصة محيصة وحويصة- "الكبر الكبر" وقيل: الضم معظم الإفك، وبالكسر البداءة به. وقيل: بالكسر الإثم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 390 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية