الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (31) قوله : حنفاء : حال من فاعل "اجتنبوا". وكذلك "غير مشركين" وهي حال مؤكدة، إذ يلزم من كونهم حنفاء عدم الإشراك.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "فتخطفه" قرأ نافع بفتح الخاء والطاء مشددة. وأصلها تختطفه فأدغم. وباقي السبعة "فتخطفه" بسكون الخاء وتخفيف الطاء. وقرأ الحسن والأعمش وأبو رجاء بكسر التاء والخاء والطاء مع التشديد. وروي عن الحسن [ ص: 271 ] أيضا فتح الطاء مشددة مع كسر التاء والخاء. وروي عن الأعمش كقراءة العامة إلا أنه بغير فاء: "تخطفه". وتوجيه هذه القراءات قد تقدم مستوفى في أوائل البقرة عند ذكري القراءات في قوله تعالى: "يكاد البرق يخطف" فلا أعيدها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أبو جعفر "الرياح" جمعا. وقوله " خر" في معنى يخر; ولذلك عطف عليه المستقبل وهو "فتخطفه"، ويجوز أن يكون على بابه، ولا يكون "فتخطفه" عطفا عليه، بل هو خبر مبتدأ مضمر أي: فهو يخطفه.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزمخشري: "ويجوز في هذا التشبيه أن يكون من المركب والمفرق. فإن كان تشبيها مركبا فكأنه قال: من أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعده [هلاك]: بأن صور حاله بصورة حال من خر من السماء فاختطفته الطير، فتفرق مزعا في حواصلها، أو عصفت به الريح حتى هوت به في بعض المطاوح البعيدة. وإن كان مفرقا فقد شبه الإيمان في علوه بالسماء، والذي ترك الإيمان وأشرك بالله، بالساقط من السماء، والأهواء التي تتوزع أفكاره بالطير المتخطفة، والشيطان الذي يطوح به في وادي الضلالة بالريح التي تهوي بما عصفت به في بعض المهاوي المتلفة". قلت: وهذه العبارة من أبي القاسم مما ينشطك إلى تعلم علم البيان فإنها في غاية [646/أ] البلاغة.

                                                                                                                                                                                                                                      والأوثان: جمع وثن. والوثن يطلق على ما صور من نحاس وحديد وخشب. ويطلق أيضا على الصليب. "عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه [ ص: 272 ] قال لعدي بن حاتم وقد رأى في عنقه صليبا: ألق هذا الوثن عنك". وقال الأعشى:


                                                                                                                                                                                                                                      3387 - يطوف العباد بأبوابه كطوف النصارى ببيت الوثن



                                                                                                                                                                                                                                      واشتقاقه من وثن الشيء أي: أقام بمكانه وثبت فهو واثن. وأنشد لرؤبة:


                                                                                                                                                                                                                                      3388 - على أخلاء الصفاء الوثن      ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      أي: المقيمين على العهد. وقد تقدم الفرق بين الوثن والصنم.

                                                                                                                                                                                                                                      والسحيق: البعيد. ومنه سحقه الله أي: أبعده. وقوله عليه السلام: "فأقول سحقا سحقا" أي: بعدا بعدا. والنخلة السحوق: الممتدة في السماء، من ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية