الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الثاني: الوصية للميت

        اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في المسألة على أقوال:

        القول الأول: إن جهل موته فالوصية باطلة، وإن علم موته فالوصية صحيحة.

        وهو قول المالكية .

        ونص المالكية : بأن الوصية تصرف في قضاء ما على الميت من دين، وإلا صرفت لورثته إذا لم يكن عليه دين، فإن لم يكن له وارث دفعت إلى بيت المال.

        وقيل: تبطل الوصية إذا لم يكن له وارث.

        القول الثاني: عدم صحة الوصية للميت.

        وبه قال الحنفية ، وقول لمالك ، وهو مذهب الشافعية ، والحنابلة .

        [ ص: 463 ] الأدلة:

        دليل القول الأول:

        1 - عموم أدلة الوصية، وهي تشمل الوصية للميت.

        2 - أن المقصود بالوصية نفع الموصى له، والميت أحوج ما يكون إلى ذلك.

        دليل القول الثاني:

        1 - أن من شرط الموصى له أن يكون موجودا، والميت غير موجود.

        ونوقش هذا الاستدلال: بأنه لا يسلم اشتراط وجود الموصى له؛ ولهذا صحت الوصية للمعدوم كما حرر في موضعه.

        2 - أن الوصية تمليك، والميت لا يصح تمليكه.

        ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

        الوجه الأول: أنه استدلال في محل النزاع.

        الوجه الثاني: عدم التسليم; فالوصية تمليك وانتفاع وإن لم يحصل تمليك.

        3 - أنه أوصى لمن لا تصح الوصية له لو لم يعلم حاله، فلا تصح إذا علم حاله، كالبهيمة.

        ونوقش هذا الاستدلال: أنه لا يسلم عدم صحة الوصية للبهيمة .

        4 - أنه عقد يفتقر إلى القبول، فلم يصح للميت كالهبة.

        ونوقش هذا الاستدلال: بأن القبول مشترط حيث أمكن القبول، وإلا فلا يشترط كالوصية للجهة والبهيمة.

        [ ص: 464 ] الترجيح:

        الراجح - والله أعلم -: القول الأول ; لقوة دليله، ولأن الوصية فعل خير وقربة فيكثر منها، وعلى القول بالصحة تقضى من الوصية ديون الميت وتنفذ وصاياه.

        * * *

        التالي السابق


        الخدمات العلمية