الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المسألة السادسة: الوصية للجهة المحرمة والمكروهة:

        تصح الوصية للجهة المشروعة والمباحة.

        واختلف العلماء في الوصية للجهة المحرمة والمكروهة :

        [ ص: 472 ] وفي ذلك أمران:

        الأمر الأول: الوصية للجهة المحرمة، كما لو أوصى للمغنيين والنائحات وأهل البدع ، ونحو ذلك، فلا تصح بالاتفاق ; لما يلي:

        1 - قول الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان

        (175) 2 - ما رواه البخاري ومسلم من طريق الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال رجل: لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية؟ لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق وعلى زانية وعلى غني، فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله" .

        وجه الدلالة: أن الصدقة هنا على الزانية والسارق لم تحصل بصفة الزنى والسرقة، وإنما بصفة المرأة امرأة والرجل رجل، والوصية نوع من الصدقة.

        الأمر الثاني: الوصية للجهة المكروهة:

        مثل لو أوصى لمن يذكرون الله جماعة دائما، ونحو ذلك، فللعلماء قولان:

        القول الأول: بطلان هذه الوصية.

        [ ص: 473 ] وهو قول الشافعية .

        وحجته: أن المكروه منهي عنه.

        القول الثاني: صحتها.

        وبه قال المالكية .

        وحجته: أن الأصل الصحة.

        والأقرب: القول الأول; إذ المكروه منهي عنه.

        * * *

        التالي السابق


        الخدمات العلمية