الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الخامس: إذا أوصى لوارث فصار عند الموت غير وارث

        تقدم لنا قريبا أن الموصي إذا أوصى لوارث، فإن ذلك متوقف على إجازة الورثة كما هو الراجح، فإن أجازوها نفذت وإن لم يجيزوها بطلت، أما إذا أصبح الموصى له غير وارث حين موت الموصي، كأن يوصي لأحد أخوته الذين يرثونه وعند موته ولد له ابن، فاختلف العلماء رحمهم الله في حكم وصيته على قولين:

        القول الأول: أن الوصية له صحيحة.

        وهو قول جمهور أهل العلم.

        وحجته:

        1 - أن الملك لا يثبت في الوصية في حال الإيصاء، وإنما يثبت بعد الموت والموصى له حين موت الموصي غير وارث.

        2 - الوصية لا اعتبار لها في حياة الموصي، وإنما تعتبر بعد وفاته; إذ هي تبرع بالمال بعد الموت.

        3 - أن الموصى له قد زال عنه وصف الإرث بوجود ابن الميت مثلا، [ ص: 541 ] ولو كان هذا الوصف معتبرا لورث من تركة الميت، وهذا لا يقول به أحد، ولو فرض أنه وارث فعلا، فإن الوصية له غير باطلة، بل صحيحة موقوفة على إجازة الورثة كما هو رأي جمهور العلماء، وقد تقدم تفصيل القول في ذلك، والله الموفق.

        القول الثاني: أن الوصية في هذه الحال لا تجوز.

        وبه قال ابن حزم .

        وحجته: أن الوصية للموصى له كان وارثا، فوقعت الوصية له باطلة.

        ونوقش: بأنه استدلال في محل النزاع، فلا يسلم بطلان الوصية; إذ العبرة بحال الموت; لما ذكره الجمهور.

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم -: هو ما ذهب إليه الجمهور; لقوة دليله.

        * * *

        التالي السابق


        الخدمات العلمية