الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المسألة الثانية: الوصية للوارث بواسطة :

        قد يقصد الموصي الوصية لوارثه، ويخشى من رد الورثة لها، فيحتال بوجه من الوجوه لإيصال وصيته لوارثه، من غير أن تكون الوصية له مباشرة، فيوصي لغيره ونيته وارثه، وقد منع الإسلام هذه الوصية على هذا الشكل، وهو ما يعرف عند الفقهاء بالتوليج في الوصية، ويتجلى ذلك في صور:

        الأولى: الوصية لمدين الوارث إذا كان المدين معسرا :

        وقد اختلف فيها الفقهاء:

        القول الأول: الجواز.

        وهو قول الجمهور.

        القول الثاني: المنع.

        وبه قال أبو يوسف .

        الأدلة:

        أدلة الرأي الأول:

        1 - حديث أبي أمامة رضي الله عنه "لا وصية لوارث" ، وهذه وصية لأجنبي فتصح؛ أخذا بمفهوم الحديث.

        2 - أنه وصى لأجنبي، فصح، كما لو وصى لمن عادته الإحسان إلى وارثه.

        [ ص: 529 ] وحجة الرأي الثاني: القياس على الوصية لعبد الوارث; لأن المدين ينتفع بها; إذ يستوفي ديونه منها.

        ونوقش هذا الاستدلال: بأن الوصية لعبد الوارث تخالف الوصية لمدين الوارث، فلا يصح قياسها عليها; لأن الوارث المالك للعبد له انتزاع مال عبده بدون مقابل، ويملكه بذلك ملكا تاما، فالوصية للعبد وصية لوارثه، بخلاف المدين، فإن الوارث الدائن ليس له انتزاع الوصية من المدين، وفي حال دفعها له فإنها تعود إليه في مقابل دينه، والمدين استفاد منها بقضاء دينه ، وإبراء ذمته بخلاف عبد الوارث إذا وصى له; لأن الوصية لسيده دون نفع يلحق العبد.

        سبب الخلاف: تعارض الأثر والنظر.

        الراجح - والله أعلم -: قول جمهور أهل العلم; لقوة دليله.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية