الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الثالث: الوصية للمعاهد، والمستأمن

        وفيه مسألتان:

        المسألة الأولى: حكم الوصية لهما:

        المعاهد أو المستأمن له شبه بالذمي، من حيث وجوده بأرض المسلمين، وحصوله على عهد بالدخول إليها، كما أن له شبها بالحربي بانتمائه إلى دار الحرب وأهلها، وتمكنه من العودة إليها متى شاء.

        ومن هنا اختلف الفقهاء في جواز الوصية له على قولين:

        القول الأول: جواز الوصية له.

        وهو الأصح عند الحنفية ، وبه قال المالكية ، والشافعية والحنابلة .

        ودليلهم:

        1 - ما تقدم من الأدلة على صحة الوصية للحربي.

        2 - القياس الأولوي على الحربي عند الذين أجازوا الوصية له.

        [ ص: 501 ] 3 - القياس على الذمي، وإن منعوا الوصية للحربي تغليبا لشبهه بالذمي على شبهه بالحربي.

        4 - ولأنه ما دام في دارنا فهو في المعاملات بمنزلة الذمي بدليل عقود التمليكات.

        القول الثاني: لا تصح الوصية له.

        وهو قول لأبي حنيفة ، وأبي يوسف .

        قال السرخسي : "وذكر في الأمالي أن على قول أبي حنيفة وأبي يوسف لا تصح الوصية من المسلم والذمي للمستأمن ; لأنه وإن كان في دارنا صورة، فهو من أهل دار الحرب حكما حتى يتمكن من الرجوع إلى دار الحرب، ولا يتمكن من إطالة المقام في دار الإسلام، ووصية من هو من أهل دار الإسلام لمن هو من أهل دار الحرب باطلة; لأن لتباين الدارين تأثيرا في قطع العصمة والموالاة".

        وقال الزيلعي : "وعن الشيخين: أنه لا يجوز".

        وحجته: أنه بمنزلة الحربي لقدرته على العودة إلى دار الحرب; لقوله تعالى: وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ، فهو وإن كان بدار الإسلام صورة، فهو في دار الحرب حكما.

        الترجيح بهذه المسألة: كالترجيح في مسألة الوصية للحربي.

        [ ص: 502 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية