الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الرابع: الوصية للجهة

        المراد بها كل مؤسسة ذات منفعة دينية، أو دنيوية كالمسجد، والقنطرة، والملجأ، ونحو ذلك.

        وفيها مسائل:

        المسألة الأولى: حكم الوصية للجهة:

        اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الوصية للجهة على قولين:

        القول الأول: أنها صحيحة.

        وهو قول محمد بن الحسن ، والمالكية ، والأصح عند الشافعية ، وقول الحنابلة .

        القول الثاني: أنها باطلة.

        وبه قال بعض المالكية .

        القول الثالث: إن أوصى لعمارتها فصحيحة، وإن أوصى لها مباشرة فباطلة.

        [ ص: 467 ] وبه قال أبو يوسف من الحنفية ، ووجه عند الشافعية .

        الأدلة:

        أدلة الرأي الأول: (الصحة):

        استدل لهذا الرأي بما يلي:

        1 - عمومات أدلة الوصية.

        2 - أن المقصود بالوصية لهذه الجهات أهلها المستفيدون منها، فالوصية لها وصية لهم، وهم من أهل للملك والتملك.

        3 - أن الجهة ذات شخصية معنوية صالحة للامتلاك والتملك.

        أدلة القول الثاني: (البطلان):

        أن الوصية تمليك، وهذه الجهات فاقدة أهلية التملك كالدابة.

        ونوقش هذا الاستدلال: بأن تمليك كل شيء بحسبه، وأيضا الأصل المقيس عليه غير مسلم، كما سيأتي.

        دليل القول الثالث: أنه في حالة الوصية لها مباشرة ينصرف اللفظ إلى التمليك الذي يدل عليه اللام في قوله: "أوصيت بثلثي للمسجد"، بخلاف الوصية بعمارتها، فإنها لا تقتضي التمليك، بل للإنفاق على عمارتها فيصح.

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم -: القول الأول; لقوة دليله، ولأن تمليك كل شيء بحسبه، ولما يترتب على ذلك من المصلحة الكبيرة الدينية والدنيوية.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية