الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المسألة الثانية: من تقسم عليهم؟ بالنسبة لمن تقسم عليهم، اختلف العلماء على قولين:

        [ ص: 421 ] القول الأول: أنه إذا لم يوجد إلا واحد من الموصى لهم، وعاش إلى حين اليأس من وجود غيره فإنه يأخذ الوصية وحده، سواء كانت الوصية بصيغة الإفراد كولد فلان، أو بصيغة الجمع كأولاد فلان، أو بصيغة محتملة كمن يولد لفلان.

        وهو قول المالكية .

        وحجته: انفراده، وعدم من يزاحمه.

        القول الثاني: اختصاص الواحد بالوصية إذا كانت بصيغة المفرد، أو صيغة محتملة، وأما إذا كانت بصيغة الجمع، فليس للموصى له إذا كان واحدا إلا نصف الوصية.

        وهو قول الحنفية .

        وحجته: وقوفا مع لفظ الموصي، ولأنه أوصى لجمع ولم يوص لواحد، وبناء على أن أقل الجمع اثنان، والنصف الآخر للورثة عند أبي حنيفة.

        وقال أبو يوسف ومحمد : "النصف الآخر لابن الابن; حملا للفظ الولد على حقيقته ومجازه".

        وسبب الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه: هو الخلاف الأصولي في جواز الجمع بين الحقيقة والمجاز، فمن منعه، وهو أبو حنيفة ، حمل لفظ الأولاد على معناه الحقيقي، وهم أولاد الصلب، فأعطاه النصف ورد النصف على ورثة الميت، ومن جوز الجمع بين الحقيقة والمجاز حمل الأولاد على الولد للصلب وولد الولد، فأعطى لابن الصلب النصف ولابن الابن النصف، وهما صاحباه.

        وأما إن كان الموصى لهم أكثر من واحد حين اليأس فإن هناك خلافا:

        [ ص: 422 ] القول الأول: أنها تقسم على الموجودين قيد الحياة حين انحصارهم وحصول اليأس من وجود غيرهم.

        ومن مات بعد ذلك فنصيبه لورثته لموته بعد استحقاقه، ومن مات قبل انحصارهم فلا شيء له، ولا يحيي بالذكر لوفاته قبل الاستحقاق.

        وهو المذهب عند المالكية .

        القول الثاني: هو أنها تقسم على جميع الأولاد الأحياء والأموات، فمن كان حيا أخذ نصيبه، ومن كان ميتا فنصيبه لورثته ويحيي بالذكر.

        وبه قال بعض المالكية .

        القول الثالث: تقسم على الموجودين يوم وفاة الموصي، ولا شيء لمن مات قبله ولو كان موجودا حين الوصية، كما لا شيء لمن يولد بعد ذلك؛ بناء على أصلهم في اشتراط وجود الموصى له غير المعين وقت وفاة الموصي.

        وهو قول الحنفية .

        وعند الشافعية : يختص بها من كان موجودا يوم الوصية.

        واتفق الفقهاء على بطلان الوصية، ورجوعها ميراثا بين ورثة الموصي إذا لم يوجد أحد من الموصى لهم حتى حصل اليأس من وجودهم بموت الموصي لولده، أو استحالة الإنجاب منه بحسب العادة.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية