الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والاستطاعة الخامسة : أن يكون غير مستطيع بماله وبدنه وفقره وزمانته لكن يبذل من المال قدر كفايته ، فإن قبل المال لزمه الحج لحدوث الاستطاعة ، وإن لم يقبل نظر في الباذل للمال فإن كان من غير والد ولا ولد لم يلزمه قبول المال ، وفارق قبول الطاعة من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لحوق المنة في قبول المال وعدمها في قبول الطاعة ، لأن في بعض العبادات ما يلزم الاستغناء به فيها بالغير ، كاستعارة ثوب وتعرف القبلة ، وليس عبادة يلزم الاستغناء به فيها بمال الغير .

                                                                                                                                            والثاني : أن في قبول المال ومملكه إيجاب سبب يلزمه به الفرض ، وهو القبول وربما حدثت عليه حقوق كانت ساقطة ، فيلزمه صرف المال إليها من وجوب نفقة وقضاء دين ، وليس كذلك بذل الطاعة لأنه إذا علمه طايعا ، فقد لزمه الفرض من غير إحداث سبب ، ولا خوف ما يلزمه صرف الطاعة إليه ، فبان الفرق بينهما ، وإن كان الباذل والدا فعلى وجهين :

                                                                                                                                            أصحهما : لا يلزمه قبول المال منه لما ذكرناه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يلزمه قبول المال منه لأن الابن يخالف غيره في باب المنة ، فأما إن بذل له المال صار فرضا في ذمته ، فلا يختلف المذهب أنه لا يلزمه قبوله ، ولا حج عليه لما يتعلق من الدين بذمته ، والمروي عن طارق عن عبد الله بن أبي أوفى أنه قال : قلت يا رسول الله إذا وجد من يستقرض منه أيلزمه الحج فقال : " لا " .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية