الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا أراد التكفير بالصيام فإنه يقوم المثل دراهم ، والدراهم طعاما ، ثم يصوم عن كل مد يوما ، ولا اعتبار بالشبع وحكي عن طاوس اليماني وعن القاشاني أن الاعتبار في الصوم بقدر ما يشبع الصيد من الناس ، فإن كان الصيد مما يشبع منه واحد وجب على قاتله أن يصوم عنه يوما واحدا ، وإن كان مما يشبع منه عشرة أنفس وجب على قاتله أن يصوم عشرة أيام ، فجعلا شبع يوم منه مقابلا لجوع يوم في الصوم عنه : بقوله تعالى : أو عدل ذلك صياما .

                                                                                                                                            [ ص: 301 ] والدلالة عليهما ما قدمناه من الدلالة على مالك ، ثم فساد ما ذكراه من اعتبار الشبع ، أصح من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لا حد للشبع لاختلاف الناس فيه : لأنه قد يكون صيد يشبع منه عشرة أنفس لقلة أكلهم ، ولا يشبع منه خمسة من غيرهم لكثرة أكلهم ، فلم يجز أن يكون ذلك حدا في الجزاء معتبرا .

                                                                                                                                            والثاني : أن جميع الصيد مضمون والشبع إنما يكون من لحمه المأكول دون عظمه وشعره وجلده ، فلم يجز أن يكون بعض مضمونا وهو اللحم وبعض غير مضمون ، وهو الجلد والعظم فبطل اعتبار الشبع ، فإذا ثبت أنه يعتبر في صيامه الطعام دون الشبع بالصيد فإنه يصوم عن كل مد يوما ، وقال أبو حنيفة : يصوم عن كل مدين يوما بناء على أصله في أن الإطعام من الكفارات لكل مسكين مدين ، فجعل صيام يوم بإزاء إطعام مسكين ، ونحن بينا ذلك على أصلنا أن لكل مسكين مدا ، فجعلنا صيام يوم بإزاء إطعام مسكين ؛ ليكون جوع يوم بإزاء إشباع مسكين في يوم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية