الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وما كان منها تطوعا أكل منها لقول الله جل وعز فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأكل النبي صلى الله عليه وسلم من لحم هديه وأطعم وكان هديه تطوعا " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وجملة الهدايا ثلاثة أضرب : ضرب وجب في الحج جبرانا ، وضرب وجب نذرا ، وضرب ساقه تطوعا .

                                                                                                                                            [ ص: 379 ] فأما الواجب في الحج جبرانا وهو : ما وجب لترك مأمور به أو فعل منهي عنه فلا يجوز عند الشافعي أن يأكل من شيء منه بحال .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يجوز أن يأكل من التمتع والقران دون ما سواهما : لأنهما عنده نسك لا جبران .

                                                                                                                                            وقال مالك : يجوز أن يأكل من جميع الدماء الواجبة إلا من دمين لا يجوز أن يأكل منهما وهما جزاء الصيد وفدية الأذى ، وقد مضى الكلام في ذلك من قبل ، ثم نقيس ما خالفوا فيه على ما أجمعوا هاهنا عليه فنقول : لأنه دم وجبت إراقته في حج فلم يجز أن يأكل منه كجزاء الصيد : ولأن الدم أحد نوعي ما يقع به التكفير في الإحرام فلم يجز أن يأكل منه كالطعام يعني : الحنطة ، فإذا ثبت أنه يجوز أن يأكل منه فأكل كان ضامنا له وفي كيفية ضمانه ثلاثة أوجه

                                                                                                                                            أحدهما : أن يضمن قيمته ورقا ، لأنه أتلف على المساكين ما لا مثل له فوجبت عليه قيمته .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : عليه بقدر وزنه لحما ، لأنه أقرب عليه وأسهل وأنفع للمساكين .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : عليه أن يعتبر ما أكله من اللحم كم هو من الهدي أنصف أم ثلث ؟ فيلزمه مثله من الحيوان الحي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية