الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما ذكرنا ، فما حكمت فيه الصحابة ، إن حكموا في النعامة ببدنة حكم بذلك عمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن وزيد بن ثابت وابن عمر وابن عباس ومعاوية وابن الزبير ، وفي الضبع بكبش حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم حكم به بعده عمر " وعلي ، وجابر ، وابن عباس ، وروى عبد الرحمن بن أبي عمار عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الضبع من الصيد ، وجعل فيه إذا أصابه المحرم كبشا ، وفي بقرة الوحش بقرة ، حكم بها من الصحابة ابن عباس ، ومن التابعين عطاء ، وفي الإبل بقرة ، حكم بها ابن عباس ، وفي حمار الوحش بقرة ، حكم بها عطاء ، وفي الأروى بقرة ، حكم بها عطاء ، قال الشافعي والأروى دون البقرة المسنة وفوق الكبش ، ففيه ذكر أو أنثى ، أي ذلك شاء ، وفي الثيتل بقرة ، ذكره الشافعي ولم يروه عن أحد من الصحابة والتابعين وفي الظبي تيس حكم به علي وابن عباس ، وفي الغزال عنز ، حكم به عمر ، وفي الأرنب عناقا ، حكم به عمر وعطاء ، وفي اليربوع جفرة ، حكم بها عمر وابن عمر وابن عباس ، وفي الضب جدي ، حكم به عمر وأربد وعطاء ، وفي الثعلب شاة ، حكم به عطاء ، وقال شريح : لو كان معي حاكم لحكمت في الثعلب بجدي ، فإطلاق عطاء محمول على بيان شريح ، وفي الوبر شاة ، حكم به عطاء ، قال الشافعي : فإن كانت العرب تأكل الوبر ففيه جفرة ، وليس بأكثر من جفرة بدنا ، وفي أم حبين بحملان من الغنم وحكم به عثمان ، قال الشافعي : يعني : حملا فإن كانت العرب تأكلها ففيها ولد شاة . حمل أو مثله من المعز مما لا يفوته ، فهذا ما حكم فيه الصحابة والتابعون من جزاء الصيد .

                                                                                                                                            قال الشافعي : وكل دابة من الصيد المأكول سميناها ففداؤها على ما ذكرنا ، وكل دابة من دواب الصيد المأكول لم نسمها فقيل : إنها قياس على ما سمينا منها ، فإن اختلاف اجتهاد عدلين من الفقهاء لم يؤخذ بقول واحد منهما حتى ينضم إليه قول غيره فيصيرا اثنين ، فيؤخذ [ ص: 293 ] حينئذ به ، فلو حكم به عدلان بمثل من النعم ، وحكم فيه عدلان آخران بمثل آخر غير المثل الذي حكم به العدلان الأولان ففيه لأصحابنا وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه مخير في الأخذ بأيهما شاء .

                                                                                                                                            والثاني : يأخذ بأغلظهما : بناء على اختلاف أصحابنا في اجتهاد الفقيهين إذا تعارضا ، فلو حكم فيه عدلان بالمثل من النعم ، وحكم فيه عدلان أن لا مثل له من النعم ، كان حكم من حكم فيه بالمثل أولى من حكم من حكم بأن ليس له مثل ، ولأن النفي لا يعارض الإثبات .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية