الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا زالت الشمس ، توجه إلى المصلى وهو مسجد إبراهيم ، فخطب خطبتين قبل الصلاة يبتدئهما بالتلبية ، وهذه الخطبة واجبة بفعلها قبل الصلاة كالجمعة ، وهي الخطبة الثانية في خطب الحج ، ويكون على منبر إن وجد ، أو على نشر من الأرض أو على ظهر بعير ، وقد روى شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنيم عن عمرو بن خارجة قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خطبنا على راحلته بعرفة ، وإنها لتقصع بجرتها . قال أبو عبيد : القصع ضمك الشيء على الشيء حتى تقتله أو تهشمه كأنه أراد بقصع الحر شدة المضغ ، وضم بعض الأسنان على بعض ، والجزة ما تجتزه الإبل فتخرجه من أجوافها لتمضغه ثم ترده في أكراشها ، وقد ساق جابر بن عبد الله حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فعله في هذا الموضع ، وحكى خطبته فروى جعفر بن محمد عن أبيه قال : دخلت على جابر بن عبد الله فقلت : أخبرني عن حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى عرفة فنزل بها حتى إذا زالت الشمس ، أمر بالقصوى فرحلت له ، فركب حتى أتى بطن الوادي ، فخطب الناس وقال : إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي ، وإن أول دم أضعه في الجاهلية دماؤنا دم ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني [ ص: 169 ] سعد فقتلته هذيل ، وربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضعه ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله ، اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، وإن لكم أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله ، وأنتم مسئولون عني فما أنتم قائلون ؟ فقالوا : نشهد أنك قد بلغت ونصحت وأديت ، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكسها إلى الأرض اللهم اشهد ، ثلاث مرات .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية