الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 222 ] فصل : وأما الفصل الثاني في وجوب الكفارة عنهما : فإنه ينظر فإن كان الواطئ محرما دون الموطوءة ففيه كفارة واحدة على الواطئ دون الموطوءة ، وإن كانت الموطوءة محرمة دون الواطئ ، فالواجب كفارة واحدة ، وإن كان الواطئ ممن لا يتحمل عن الموطوءة شيئا لكونه أجنبيا ، فالكفارة واجبة في مال الموطوءة ، وإن كان ممن يتحمل عنها لكونه زوجا أو سيدا فعليه تحمل ذلك عنها : لأنه من موجبات الوطء على ما مضى من كفارة الواطئ في الصوم ، وإن كان الواطئ والموطوءة محرمين فهل تجب كفارة واحدة أو كفارتان على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : كفارتان ، وهو قوله في القديم .

                                                                                                                                            والثاني : كفارة واحدة ، وهو قوله في الجديد ، وقد ذكرنا توجيه القولين في كتاب الصيام ، فإذا قلنا بقوله في القديم : إن عليهما كفارتين ، فعلى هذا إن كانا أجنبيين فعلى الواطئ كفارة ، وعلى الموطوءة كفارة ، ولا يتحمل الواطئ عن الموطوءة الكفارة ؛ لكونه أجنبيا ، وإن لم يكونا أجنبيين فعلى الواطئ أن يتحمل الكفارتين عنه وعن الموطوءة ، فإذا قلنا بقوله في الجديد : إن عليه كفارة واحدة فعلى هذا هل وجبت الكفارة على الواطئ وحده أم عليهما ؟ ثم تحمل الواطئ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وجبت على الواطئ وحده فعلى هذا لا شيء على الموطوءة سواء كانت زوجته أم أجنبية .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنها وجبت عليهما : فعلى هذا إن كانت الموطوءة زوجته فعلى الواطئ كفارة واحدة عنه وعنها ، وإن كانت الموطوءة أجنبية لم يتحمل الواطئ عنها . ووجبت على الواطئ كفارة كاملة ، وعلى الموطوءة كفارة كاملة : لأن الكفارة لا يجوز تبعيضها ، والواطئ ممن لا يتحمل عنها ، فلذلك وجب على كل واحد منهما كفارة كاملة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية