الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : قد مضى الكلام في صيد الحرم ، فأما صيد المدينة فهو على مذهب الشافعي حرام كصيد الحرم ، وقال أبو حنيفة : صيد المدينة حلال استدلالا بأن صيد المدينة مما تعم [ ص: 327 ] به البلوى ، وما عم به البلوى يجب أن يكون بيانه منتشرا وفي الناس مستفيضا ، وليس فيه استفاضة ، فلم يصح تحريمه والدلالة عليه : ما روى أسعد بن سوار عن نافع عن ابن عمر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : إن إبراهيم كان عبد الله وخليله ، وإني عبد الله ورسوله ، وإن إبراهيم حرم مكة ، وإني حرمت المدينة ، فلا يحل لمسلم أن يقطع شجرها إلا لعلف بعيره فأخبر أنه حرم المدينة كما حرم إبراهيم مكة ، ثم كان صيد مكة حراما فوجب أن يكون صيد المدينة حراما .

                                                                                                                                            وروى عثمان بن حكيم عن عامر بن سعد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأحرم ما بين لابتي المدينة أن لا يقطع عضاهها ولا يقتل صيدها ، وقال : المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون لا يخرج عنها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه ، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة ، وهذا نص ظاهر في تحريم الصيد .

                                                                                                                                            وروى يزيد التيمي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن المدينة حرام ما بين عير إلى ثور وهما جبلان بالمدينة .

                                                                                                                                            وروى الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال : " حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة " قال أبو هريرة : فلو وجدت الضباء ما بين لابتيها ما زعرتها وجعل حول المدينة اثنا عشر ميلا ، فدلت هذه الأخبار المستفيضة على تحريم صيد المدينة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية