الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن ترتيب ذلك سنة ، فخالف الترتيب فأخر مقدما ، أو قدم مؤخرا ، نظر فإن قدم الطواف على الرمي والنحر والحلاق أجزأه ، ولا دم عليه ، وإن قدم الحلق على النحر أجزأه أيضا ولا دم عليه .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا يجزئه وعليه دم : لقوله تعالى : ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله [ البقرة : 196 ] ، ودليلنا رواية عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بمنى ليسأله الناس ، فأتاه رجل فقال : يا رسول الله حلقت قبل أن ذبحت ، فقال : اذبح ولا [ ص: 187 ] حرج ، وأتاه آخر وقال : ذبحت قبل أن رميت ، فقال : ارم ولا حرج ، قال عبد الله بن عمرو : ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ عن شيء قدم أو أخر إلا قال : " افعل ولا حرج عليك " ولأنه ذبح يجوز أن يتعقبه الحلق ، فجاز أن يتقدمه الحلق قياسا على دم الطيب واللباس ، فأما قوله تعالى : ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله [ البقرة : 196 ] ، فمحمول على الاستحباب ، وقد قال بعض الناس : إن المراد بالمحل الحرم دون الإحرام ؛ لقوله تعالى : ثم محلها إلى البيت العتيق [ الحج : 33 ] ، فأما إن قدم الحلق على الرمي : فإن قيل : إن الحلق نسك يتحلل به أجزأه ولا دم عليه . وإن قيل : إنه إباحة بعد حظر فعلى وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو مذهب البغداديين : عليه الفدية : لحلقه قبل يوم النحر .

                                                                                                                                            الثاني : وهو مذهب أكثر البصريين : لا فدية عليه : لما قدمنا من حديث عبد الله بن عمرو ، ولما روي عن ابن عباس أن رجلا قال : يا رسول الله إني أخرت الرمي حتى جن الليل ، فقال : ارم لا حرج ، فبين بذلك جواز تقديم الحلق على الرمي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية