الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن الطواف لا يصح بغير طهارة ، فطاف بغير طهارة ، كان طوافه غير مجزئ ، كمن لم يطف . فلو أحرم بالعمرة من الميقات ، وفرغ من أعمالها ، وتحلل منها ، ثم أحرم بالحج وفرغ من أعماله وتحلل منه ، ثم ذكرنا أنه طاف أحد الطوافين بغير طهارة ، وقد أشكل عليه فليس يعلم هل هو طواف العمرة ، أو طواف الحج ؟ فعليه أن يطوف ويسعى ، وعليه دم شاة ، وقد أجزأه عن الحج ، والعمرة . وإنما كان كذلك ، لأنه قد يجوز أن يكون محدثا في طواف العمرة ، ويجوز أن يكون محدثا في طواف الحج فإن كان محدثا في طواف العمرة لم يعتد بطوافه فيها ولا بسعيه ، وعليه دم لحلاقه وقد صار قارنا لإدخاله الحج على العمرة قبل تحلله منها وعليه دم للقران ، وطوافه في الحج يجزئه عنهما جميعا ، لأن القارن يجزئه طواف واحد وسعي واحد ، فعلى هذا التنزيل يلزمه دمان :

                                                                                                                                            [ ص: 146 ] أحدهما : لأجل الحلاق .

                                                                                                                                            والثاني : لأجل القران ، ولا يلزمه طواف ولا سعي ، وقد أجزأه الحج والعمرة . وإن كان محدثا في طواف الحج دون العمرة ، فقد أكمل العمرة ، ثم أحرم بعدها بالحج فصار متمتعا ، فعليه دم التمتع ، وقد طاف وسعى على غير طهارة ، فلا يعتد بطوافه وسعيه ، وعليه أن يطوف ويسعى ، فعلى هذا التنزيل ، يلزمه دم : لتمتعه بطواف وسعي ، ويجزئه الحج والعمرة ، فعلى هذين التنزيلين ، يلزمه طواف وسعي ، ليصبح أداؤه لفرض النسكين يقينا ، وقد أجزأه الحج والعمرة جميعا ، وعليه دم واحد يقينا ، لأنه لا يخلو أن يكون قارنا أو متمتعا ، وأيهما كان ، فقد لزمه دم ، فأما دم الحلاق ، فلا يلزمه ، لأنه مشكوك في وجوبه ، فإن قيل قد أوجبتم عليه الطواف والسعي مع الشك في وجوبه ، فما الفرق بينه وبين دم الحلاق ؟

                                                                                                                                            قيل : الفرق بينهما : أن الطواف والسعي من أركان الحج ، وما شك في فعله من أركان حجه ، لزمه الإتيان به ، كمن شك في ركن من أركان صلاته ، لزمه الإتيان به ، ودم الحلاق ليس من الحج ، ومن شك في لزوم بما ليس من حجه ، لم يجب عليه كمن شك في صلاته ، هل تكلم أم لا ، لم يجب عليه سجود السهو .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية