[ ص: 67 ] باب مواقيت الحج
قال الشافعي : " ميقات أهل المدينة من ذي الحليفة ، وأهل الشام ومصر والمغرب وغيرها من الجحفة ، وأهل تهامة اليمن يلملم وأهل نجد اليمن قرن وأهل المشرق ذات عرق ولو أهلوا من العقيق كان أحب إلي " .
قال الماوردي : أما الميقات في لسانهم فهو الحد ، قال الله تعالى : يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج [ البقرة : 189 ] ، يعني أنها حد لإحلال ديونهم ، وأوقات حجهم وعباداتهم فمواقيت الحج خمسة :
أحدها : ذو الحليفة ؟ وهو ميقات أهل المدينة .
والثاني : الجحفة وهو ميقات أهل الشام ومصر والمغرب .
والثالث : يلملم ، وقيل : المسلم ، وهو ميقات أهل تهامة واليمن .
والرابع : قرن وهو ميقات أهل نجد .
والخامس : ذات عرق وهو ميقات أهل العراق والمشرق ، فهذه خمسة مواقيت أجمع المسلمون على أربعة منها مقدرة بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ذو الحليفة والجحفة ويلملم وقرن ، لرواية ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة وأهل نجد من قرن " . هذه الثلاثة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخبرت أنه قال : يهل أهل اليمن من يلملم " . وروى " ويهل طاوس عن ابن عباس قال : لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن ، ولأهل ، اليمن يلملم فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ، فمن كان دونهن فمن حيث يبدأ " فأما الميقات الخامس : وهو وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات عرق ، فهو [ ص: 68 ] أهل العراق والمشرق ، وقد اختلف الناس فيه : هل ثبت مقدرا بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قياسا باجتهاد الصحابة رضي الله عنهم : فحكي عن ميقات ابن سيرين وطاوس أن ذات عرق مؤقتة باجتهاد لا بنص ، قال الشافعي : وما أراه إلا كما قال طاوس .
وحكي عن ابن جريج وعطاء أنها مؤقتة بنص كغيرها من المواقيت ، فمن ذهب إلى أن ذات عرق غير منصوص عليها ، استدل برواية نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قيل له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤقت لأهل المشرق سننا ، فقال : انظروا ما حال طريقهم ، قالوا : قرن ، قال : اجعلوا ميقاتهم ذات عرق .
قالوا : ولأن أهل العراق والمشرق كانوا كفارا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكيف يصح أن ينص على ميقاتهم وهم على كفرهم ؟
ومن ذهب إلى أن ذات عرق منصوص عليها ، استدل على ما روى ابن جريج عن عطاء عن جابر " أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق ذات عرق " .
وروى ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر لأهل العراق ذات عرق " . وروى " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت هلال بن زيد بن يسار عن أنس لأهل البصرة ذات عرق " وهذا أصح المذهبين لهذه النصوص الثابتة ، ويجوز أن يكون " أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت الشافعي لم تبلغه هذه الأخبار ، فأما حديث ابن عمر فغير ثابت عنه ، وأما ما ذكره من كفر أهل العراق والمشرق ، فقد كان أهل المغرب أيضا كفارا ، وكان بالشام قيصر ، وبمصر المقوقس ، ونص على ميقاتهم مع كفرهم ، فكذلك أهل العراق والمشرق ، ولأن الله تعالى أطلعه على إسلامهم ألا ترى ما روي عنه صلى الله عليه وسلم . أنه قال : . وقال زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها لعدي بن حاتم : الحيرة تؤم البيت لا جوار معها لا تخاف إلا الله تعالى . على أنه قد كان بمشرق يوشك أن تخرج الظعينة من مكة مما يلي أرض نجد خلق من العرب قد أسلموا من بني عامر وبني سليم وغيرهم فيجوز أن يكون وقته لهم .