فصل : إبراهيم ، فخطب خطبتين قبل الصلاة يبتدئهما بالتلبية ، وهذه الخطبة واجبة بفعلها قبل الصلاة كالجمعة ، وهي الخطبة الثانية في خطب الحج ، ويكون على منبر إن وجد ، أو على نشر من الأرض أو على ظهر بعير ، وقد روى فإذا زالت الشمس ، توجه إلى المصلى وهو مسجد شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنيم عن عمرو بن خارجة قال : بعرفة ، وإنها لتقصع بجرتها . قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خطبنا على راحلته أبو عبيد : القصع ضمك الشيء على الشيء حتى تقتله أو تهشمه كأنه أراد بقصع الحر شدة المضغ ، وضم بعض الأسنان على بعض ، والجزة ما تجتزه الإبل فتخرجه من أجوافها لتمضغه ثم ترده في أكراشها ، وقد ساق جابر بن عبد الله حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فعله في هذا الموضع ، وحكى خطبته فروى جعفر بن محمد عن أبيه قال : دخلت على جابر بن عبد الله فقلت : أخبرني عن فقال : حج رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفة فنزل بها حتى إذا زالت الشمس ، أمر بالقصوى فرحلت له ، فركب حتى أتى بطن الوادي ، فخطب الناس وقال : إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي ، وإن أول دم أضعه في الجاهلية دماؤنا دم ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني [ ص: 169 ] سعد فقتلته هذيل ، وربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضعه ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله ، اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، وإن لكم أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله ، وأنتم مسئولون عني فما أنتم قائلون ؟ فقالوا : نشهد أنك قد بلغت ونصحت وأديت ، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكسها إلى الأرض اللهم اشهد ، ثلاث مرات . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى