فصل : فأما القسم الأول وهو أن ، فهو أن يقول أحجوا عني زيدا بمائة دينار ، وهذا على ثلاثة أقسام : يعين من يحج عنه ويعين القدر الذي يحج به عنه
أحدها : أن يكون القدر الذي وصى به هو أجرة المثل ، فهذا جائز ويكون من رأس ماله
لأنه القدر الواجب إلا أن يجعله من ثلثه فيكون في الثلث ، وسواء وصى بذلك لوارث أو غير وارث ؛ لأنها ليست وصية يمنع فيها الوارث وإنما هي معارضة في مقابلة عمل ليس فيهما محاباة فاستوى فيها الأجنبي والوارث .
والقسم الثاني : أن يكون القدر الذي وصى به أقل من أجرة المثل ، فإن وصى زيدا أن يحج به لم يزد على ذلك وإن لم يرض زيد بذلك وجب أن يتمم له أجرة المثل من رأس المال ؛ لأنه قدر يجب إخراجه منه إلا أن يجعله في الثلث فيكون في الثلث ، وسواء كان زيد وارثا أو أجنبيا .
والقسم الثالث : أن يكون القدر الذي وصى به أكثر من أجرة المثل ؛ كأن كانت أجرة المثل خمسين دينارا وقد وصى بمائة دينار فقدر أجرة المثل واجب من رأس ماله ، والزيادة عليه وصية من ثلثه إلا أن يجعل جميع ذلك من ثلثه فيكون في الثلث ثم لا يخلو حال زيد المعين بالحج من أحد أمرين : إما أن يكون وارثا أو أجنبيا ، فإن كان وارثا لم يستحق الزيادة على أجرة المثل ؛ لأنها وصية والوارث لا وصية له إلا أن يجيز ذلك جميع الورثة ويقال له : أنت بالخيار بين أن تحج عنه بأجرة المثل دون الزيادة وبين أن يتمتع فيستأجر عنه غيره من الأجانب بأجرة المثل دون الزيادة ، وإن كان أجنبيا استحق جميع ذلك ؛ لأن الزيادة على أجرة المثل وصية ، والوصية تصح للأجنبي إذا احتملها الثلث ، فإن حج عنه استحق المائة كلها ، وإن امتنع أن يحج عنه استؤجر غيره بأجرة المثل وردت الزيادة إلى التركة ، فإن قال زيد أعطوني الزيادة على أجرة المثل ؛ لأنها وصية لي ، قيل : لا يجوز ؛ لأنها وصية لك على صفة ؛ وهي أن تحج عن الميت فإذا لم توجد منك الصفة لم تستحق الوصية ؛ كمن ، والعبد يساوي مائتين ، فقال زيد : لست أبتاع العبد بمائة ولكن بيعوه بمائتين وأعطوني مائة ، لم يجز ؛ لأن المائة إنما هي وصية له على وجه المحاباة إذا ابتاع العبد ، فإذا لم يبتعه بطلت الوصية ؛ كذلك الحج فلو قال زيد : أنا آخذ المائة وأستأجر من يحج عنه بأجرة المثل وآخذ الزيادة لم يجز أيضا ؛ لأنه إنما وصى له بالزيادة إذا حج بنفسه . وصى أن يباع عبده على زيد بمائة ويتصدق عنه بثمنه