الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (82) قوله تعالى: الذين آمنوا : هل هو من كلام إبراهيم أو من كلام قومه أو من كلام الله تعالى؟ ثلاثة أقوال للعلماء وعليها يترتب الإعراب، فإن قلنا: إنها من كلام إبراهيم جوابا عن السؤال في قوله: فأي الفريقين وكذا إن قلنا: إنها من كلام قومه، وأنهم أجابوا بما هو حجة عليهم، كأن الموصول خبر مبتدإ محذوف، أي: هم الذين آمنوا، وإن جعلناه من كلام الله تعالى وأنه أمر نبيه بأن يجيب به السؤال المتقدم فكذلك أيضا، وإن جعلناه لمجرد الإخبار من الباري تعالى كان الموصول مبتدأ، وفي خبره أوجه أحدها: أنه الجملة بعده فإن "أولئك" مبتدأ ثان، و "الأمن" مبتدأ ثالث، و "لهم" خبره، والجملة خبر "أولئك" و "أولئك" وخبره خبر الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: أن يكون "أولئك" بدلا أو عطف بيان، و "لهم" خبر الموصول، و "الأمن" فاعل به لاعتماده. الثالث: كذلك، إلا أن "لهم" خبر مقدم، و "الأمن" مبتدأ مؤخر، والجملة خبر الموصول. الرابع: أن يكون "أولئك" مبتدأ ثانيا، و "لهم" خبره و "الأمن" فاعل به، والجملة خبر الموصول. الخامس: وإليه ذهب أبو جعفر النحاس والحوفي أن "لهم الأمن" خبر الموصول، وأن "أولئك" فاصلة وهو غريب، لأن الفصل من شأن الضمائر لا من شأن أسماء الإشارة، وأما على قولنا بأن "الذين" خبر مبتدإ محذوف فيكون "أولئك" مبتدأ فقط، وخبره الجملة بعده أو الجار وحده، و "الأمن" فاعل به، والجملة الأولى على هذا منصوبة بقول مضمر أي: قل هم الذين آمنوا إن كانت من كلام [ ص: 24 ] الخليل، أو قالوا هم الذين إن كانت من كلام قومه. وقوله: ولم يلبسوا يجوز فيه وجهان، أحدهما: أنها معطوفة على الصلة فلا محل لها حينئذ، والثاني: أن تكون الواو للحال، والجملة بعدها في محل نصب على الحال أي: آمنوا غير ملبسين إيمانهم بظلم وهو كقوله تعالى: أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولا يلتفت إلى قول ابن عصفور حيث جعل وقوع الجملة المنفية حالا قليلا، ولا إلى قول ابن خروف حيث جعل الواو واجبة الدخول على هذه الجملة وإن كان فيها ضمير يعود على ذي الحال.

                                                                                                                                                                                                                                      والجمهور على "يلبسوا" بفتح الياء بمعنى يخلطونه، وقرأ عكرمة بضمها من الإلباس. "وهم مهتدون" يجوز استئنافها وحاليتها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية