الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (190) قوله تعالى: جعلا له : قيل: ثم مضاف، أي: جعل له أولادهما شركاء، وإلا فحاشا آدم وحواء من ذلك، وإن جعل الضمير ليس لآدم وحواء فلا حاجة إلى تقديره. وقيل في الآية أقوال تقتضي أن يكون الضمير لآدم وحواء من غير حذف مضاف بتأويل ذكر في التفسير.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ نافع وأبو بكر عن عاصم "شركا" بكسر الشين وتسكين الراء وتنوين الكاف. والباقون بضم الشين وفتح الراء ومد الكاف مهموزة من غير تنوين، جمع شريك، فالشرك مصدر ولا بد من حذف مضاف، أي: ذوي شرك بمعنى إشراك، فهو في الحقيقة اسم مصدر. وقيل: المراد بالشرك [ ص: 536 ] النصيب، وهو ما جعلاه من رزقهما له يأكله معهما، وكانا يأكلان ويشربان وحدهما. فالضمير في "له" يعود على الولد الصالح. وقيل: الضمير في "له" لإبليس ولم يجر له ذكر. وهذان الوجهان لا معنى لهما. وقال مكي وأبو البقاء وغيرهما: إن التقدير يجوز أن يكون: جعلا لغيره شركا. قلت: هذا الذي قدروه هؤلاء قد قال فيه أبو الحسن: "كان ينبغي لمن قرأ "شركا" أن يقول: المعنى: جعلا لغيره شركا [فيما أتاهما] لأنهما لا ينكران أن الأصل لله، فالشرك إنما لجعله لغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: فتعالى الله عما يشركون قيل: هذه جملة استئنافية، والضمير في "يشركون" يعود على الكفار، والكلام قد تم قبله. وقيل: يعود على آدم وحواء وإبليس، والمراد بالإشراك تسميتهما لولد ثالث بعبد الحرث، وكان أشار بذلك إبليس، فالإشراك في التسمية فقط. وقيل: لم يكن آدم علم، ويؤيد الوجه الأول قراءة السلمي "عما تشركون" بتاء الخطاب، وكذلك "أتشركون" بالخطاب أيضا وهو التفات.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية