الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (146) قوله تعالى: بغير الحق : فيه وجهان أحدهما: أنه متعلق بمحذوف على أنه حال، أي: يتكبرون ملتبسين بغير الحق. والثاني: أن يتعلق بالفعل قبله أي: يتكبرون بما ليس بحق، والتكبر بالحق لا يكون إلا لله تعالى خاصة.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وإن يروا الظاهر أنها بصرية، ويجوز أن تكون قلبية، والثاني محذوف لفهم المعنى كقول عنترة:


                                                                                                                                                                                                                                      2293 - ولقد نزلت فلا تظني غيره مني بمنزلة المحب المكرم



                                                                                                                                                                                                                                      أي: فلا تظني غيره واقعا مني، وكذا الآية الكريمة، أي: وإن يروا كل آية جائية أو حادثة. وقرأ مالك بن دينار "يروا" مبنيا للمفعول من أرى المنقول بهمزة التعدية. [ ص: 457 ] قوله الرشد قرأ الأخوان هنا وأبو عمرو في قوله مما علمت رشدا خاصة دون الأولين فيها بفتحتين، والباقون بضمة وسكون. واختلف الناس فيها: هل هما بمعنى واحد؟ فقال الجمهور: نعم لغتان في المصدر كالبخل والبخل والسقم والسقم والحزن والحزن. وقال أبو عمرو بن العلاء: "الرشد بضمة وسكون الصلاح في النظر، وبفتحتين الدين"، قالوا ولذلك أجمع على قوله فإن آنستم منهم رشدا بالضم والسكون، وعلى قوله فأولئك تحروا رشدا بفتحتين. وروي عن ابن عامر "الرشد" بضمتين وكأنه من باب الإتباع كاليسر والعسر. وقرأ السلمي "الرشاد" بألف فيكون الرشد والرشد والرشاد كالسقم والسقم والسقام. وقرأ ابن أبي عبلة "لا يتخذوها" و "يتخذوها" بتأنيث الضمير لأن السبيل يجوز تأنيثها. قال تعالى: قل هذه سبيلي .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ذلك فيه وجهان، أظهرهما: أنه مبتدأ خبره الجار بعده، أي: ذلك الصرف بسبب تكذيبهم. والثاني: أنه في محل نصب. ثم اختلف في ذلك: فقال الزمخشري: صرفهم الله ذلك الصرف بعينه فجعله مصدرا. وقال ابن عطية: [ ص: 458 ] فعلنا ذلك. فجعله مفعولا به، وعلى الوجهين فالباء في "بأنهم" متعلقة بذلك المحذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وكانوا في هذه الجملة احتمالان، أحدهما: أنها نسق على خبر "أن"، أي: ذلك بأنهم كذبوا، وبأنهم كانوا غافلين عن آياتنا. والثاني: أنها مستأنفة أخبر الله تعالى عنهم بأن من شأنهم الغفلة عن الآيات وتدبرها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية