الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (136) قوله تعالى: فانتقمنا : هذه الفاء سببية أي تسبب عن النكث الانتقام. ثم إن أريد بالانتقام نفس الإغراق، فالفاء الثانية مفسرة عند من يثبت لها ذلك، وإلا كان التقدير: فأردنا الانتقام.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: في اليم متعلق بـ "أغرقناهم". واليم: البحر. والمشهور أنه عربي. قال ذو الرمة:


                                                                                                                                                                                                                                      2283 - داوية ودجى ليل كأنهما يم تراطن في حافاته الروم



                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن قتيبة: "إنه البحر بالسريانية". وقيل: بالعبرانية، والمشهور أنه لا يتقيد ببحر خاص. وقال الهروي في عربيته: "واليم: البحر الذي يقال له إساف، وفيه غرق فرعون"، وهذا ليس بجيد لقوله تعالى: فألقيه في اليم والمراد به نيل مصر، وهو غير الذي غرق فيه فرعون.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "بأنهم" الباء للسببية أي: أغرقناهم بسبب تكذيبهم بآياتنا، وكونهم غافلين عن آياتنا. فالضمير في "عنها" يعود على الآيات. وهذا هو الظاهر. وبه قال الزجاج وغيره. وقيل: يجوز أن يكون على النقمة المدلول عليها بانتقمنا. ويعزى هذا لابن عباس، وكأن القائل بذلك تخيل أن الغفلة عن الآيات عذر لهم من حيث إن الغفلة ليست من كسب الإنسان. [ ص: 438 ] وقال الجمهور: إنهم تعاطوا أسباب الغفلة فذموا عليها كما يذم الناسي على نسيانه لتعاطيه أسبابه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية