الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (180) قوله تعالى: الحسنى : فيها قولان، أظهرهما: أنها تأنيث "أحسن"، والجمع المكسر لغير العاقل يجوز أن يوصف بما يوصف به المؤنث نحو: مآرب أخرى، ولو طوبق به لكان التركيب الحسن كقوله: من أيام أخر . والثاني: أن الحسنى مصدر على فعلى كالرجعى والبقيا قال:


                                                                                                                                                                                                                                      2347 - ولا يجزون من حسنى بسوء . . . . . . . . . . . . . . . .



                                                                                                                                                                                                                                      و "الأسماء" هنا: الألفاظ الدالة على الباري تعالى كالله والرحمن. وقال ابن عطية: المراد بها التسميات إجماعا من المتأولين لا يمكن غيره، وفيه نظر لأن التسمية مصدر، والمصدر لا يدعى به على كلا القولين في تفسير الدعاء، وذلك أن معنى "فادعوه" نادوه بها، كقولهم: يا الله يا رحمان يا ذا الجلال والإكرام اغفر لنا. وقيل: سموه بها كقولك: "سميت ابني بزيد".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: يلحدون قرأ حمزة هنا وفي النحل وحم السجدة: يلحدون بفتح الياء والحاء من لحد ثلاثيا. والباقون بضم الياء وكسر الحاء من ألحد. فقيل: هما بمعنى واحد، وهو الميل والانحراف. ومنه لحد القبر لأنه يمال، بحفره إلى جانبه، بخلاف الضريح فإنه يحفر في وسطه، ومن كلامهم [ ص: 523 ] "ما فعل الواجد؟ قالوا لحده اللاحد". وإلى كونهما بمعنى واحد ذهب ابن السكيت وقال: "هما العدول عن الحق". وألحد أكثر استعمالا من لحد قال:


                                                                                                                                                                                                                                      2348 - ليس الإمام بالشحيح الملحد



                                                                                                                                                                                                                                      وقال غيره: لحد بمعنى ركن وانضوى، وألحد: مال وانحرف. قاله الكسائي. ونقل عنه أيضا: ألحد: أعرض، ولحد: مال. قالوا: ولهذا وافق حمزة في النحل إذ معناه: يميلون إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وروى أبو عبيدة عن الأصمعي: ألحد: مارى وجادل، ولحد: حاد ومال. ورجحت قراءة العامة بالإجماع على قوله "بإلحاد" . وقال الواحدي: "ولا يكاد يسمع من العرب لاحد". قلت: فامتناعهم من مجيء اسم فاعل الثلاثي يدل على قلته وقد قدمت من كلامهم "لحده اللاحد". ومعنى الإلحاد فيها أن اشتقوا منها أسماء لآلهتهم فيقولون: اللات من لفظ الله، والعزى من لفظ العزيز، ومناة من لفظ المنان، ويجوز أن يراد سموه بما لا يليق بجلاله.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية