الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (67) قوله تعالى: أن يكون له أسرى : قرأ أبو عمرو "تكون" بالتأنيث مراعاة لمعنى الجماعة. والباقون بالتذكير مراعاة للفظ الجمع. والجمهور هنا على "أسرى" وهو قياس فعيل بمعنى مفعول دالا على أنه كجريح وجرحى. وقرأ ابن القعقاع والمفضل عن عاصم "أسارى" شبهوا "أسير" بكسلان فجمعوه على فعالى ككسالى، كما شبهوا به "كسلان" فجمعوه على كسلى. وقد تقدم القول فيهما في البقرة محققا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يثخن قرأ العامة "يثخن" مخففا عدوه بالهمزة، وقرأ أبو جعفر ويحيى بن وثاب ويحيى بن يعمر "يثخن" بالتشديد، عدوه بالتضعيف وهو مشتق من الثخانة، وهي الغلظ والكثافة في الأجسام، ثم يستعار ذلك في كثرة القتل والجراحات فيقال: أثخنته الجراح أي: أثقلته حتى أثبتته، ومنه حتى إذا أثخنتموهم . وقيل: حتى تقهر. والإثخان: القهر. أنشد المفضل: [ ص: 638 ]

                                                                                                                                                                                                                                      2445 - تصلي الضحى ما دهرها بتعبد وقد أثخنت فرعون في كفره كفرا



                                                                                                                                                                                                                                      كذا أنشده الهروي شاهدا على القهر وليس فيه معنى، إذ المعنى على الزيادة والمبالغة المناسبة لأصل معناه وهي الثخانة ويقال منه: ثخن يثخن ثخانة فهو ثخين، كظرف يظرف ظرافة فهو ظريف.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: والله يريد الآخرة الجمهور على نصب "الآخرة"، وقرأ سليمان بن جماز المدني بجرها، وخرجت على حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على جره. وقدره بعضهم: عرض الآخرة، فعيب عليه إذ لا يحسن أن يقال: والله يريد عرض الآخرة، فأصلحه الزمخشري بأن جعله كذلك لأجل المقابلة قال "يعني ثوابها". وقدره بعضهم بأعمال أو ثواب. وجعله أبو البقاء كقول الآخر:


                                                                                                                                                                                                                                      . . . . . . . . . . . . . . . . .     ونار توقد بالليل نارا



                                                                                                                                                                                                                                      وقدر المضاف "عرض الآخرة". قال الشيخ: "ليست الآية مثل البيت فإنه يجوز ذلك إذا لم يفصل بين حرف العطف وبين المجرور بشيء كالبيت، أو يفصل بـ "لا" نحو:" ما مثل زيد ولا أخيه يقولان ذلك"، أما إذا فصل بغيرها كهذه القراءة فهو شاذ قليل" .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية