الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (16) وكذا دبره مفعول ثان لـ يولهم : وقرأ الحسن بالسكون كقولهم "عنق" في عنق، وهذا من باب التعريض حيث ذكر لهم حالة تستهجن من فاعلها فأتى بلفظ الدبر دون الظهر لذلك. وبعضهم من أهل علم البيان سمى هذا النوع كناية وليس بشيء. [ ص: 585 ] قوله: إلا متحرفا في نصبه وجهان، أحدهما: أنه حال. والثاني: أنه استثناء. وقد أوضح ذلك الزمخشري فقال: فإن قلت: بم انتصب "إلا متحرفا"؟ قلت: على الحال، و "إلا" لغو، أو على الاستثناء من المولين، أي: ومن يولهم إلا رجلا منهم متحرفا أو متحيزا. قال الشيخ: لا يريد بقوله "إلا لغو" أنها زائدة، بل يريد أن العامل وهو "يولهم" وصل لما بعدها كقولهم في نحو "جئت بلا زاد" إنها لغو، وفي الحقيقة هي استثناء من حال محذوفة والتقدير: ومن يولهم ملتبسا بأية حال إلا في حال كذا، وإن لم تقدر حال عامة محذوفة لم يصح دخول "إلا" لأن الشرط عندهم واجب، والواجب حكمه أن لا تدخل "إلا" فيه لا في المفعول ولا في غيره من الفضلات، لأنه استثناء مفرغ، والمفرغ لا يكون في الواجب إنما يكون مع النفي أو النهي، أو المؤول بهما، فإن جاء ما ظاهره خلاف ذلك يؤول، قلت: قوله: "لا في المفعول ولا في غيره من الفضلات" لا حاجة إليه; لأن الاستثناء المفرغ لا يدخل في الإيجاب مطلقا سواء كان ما بعد "إلا" فضلة أم عمدة، فذكر الفضلة والمفعول يوهم جوازه في غيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عطية: وأما الاستثناء فهو من المولين الذين تتضمنهم "من". فجعل نصبه على الاستثناء. وقال جماعة: إن الاستثناء من أنواع التولي. وقد رد هذا بأن لو كان كذلك لوجب أن يكون التركيب: إلا تحيزا أو تحرفا.

                                                                                                                                                                                                                                      والتحيز والتجوز: الانضمام. وتحوزت الحية: انطوت، وحزت الشيء: ضمنته. والحوزة ما يضم الأشياء. ووزن متحيز: متفيعل، والأصل: [ ص: 586 ] متحيوز. فاجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء بعدها كميت. ولا يجوز أن يكون متفعلا لأنه لو كان كذا لكان متحوزا، فأما متحوز فمتفعل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية