الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (34) قوله تعالى: ولكل أمة : خبر مقدم، ولا حاجة إلى حذف مضاف كما زعم بعضهم أن التقدير: ولكل أحد من أمة أجل أي عمر، كأنه توهم أن كل أحد له عمر مستقل، وأن هذا مراد الآية الكريمة، ومراد الآية أعم من ذلك. وقوله فإذا جاء أجلهم قال بعضهم: كل موضع في القرآن من شبه هذا التركيب فإن الفاء داخلة على "إذا" إلا في يونس أما في يونس فيأتي حكمها، وأما سائر المواضع فقال: لأنها عطفت جملة على أخرى بينهما اتصال وتعقيب، فكان الموضع موضع الفاء. وقرأ الحسن وابن سيرين "آجالهم" جمعا. [ ص: 308 ] قوله: لا يستأخرون : جواب "إذا"، والمضارع المنفي بـ "لا" إذا وقع جوابا لـ "إذا" في الظاهر جاز أن يتلقى بالفاء وأن لا يتلقى بها. قال الشيخ: "وينبغي أن يعتقد أن بين الفاء والفعل بعدها اسما مبتدأ فتصير الجملة اسمية، ومتى كانت كذلك وجب أن تتلقى بالفاء أو إذا الفجائية". و "ساعة" نصب على الظرف وهي مثل في قلة الزمان.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ولا يستقدمون هذا مستأنف، معناه الإخبار بأنهم لا يسبقون أجلهم المضروب لهم بل لا بد من استيفائهم إياه، كما أنهم لا يتأخرون عنه أقل زمان. وقال الحوفي وغيره: إنه معطوف على "لا يستأخرون" وهذا لا يجوز، لأن "إذا" إنما يترتب عليها وعلى ما بعدها الأمور المستقبلة لا الماضية، والاستقدام بالنسبة إلى مجيء الأجل متقدم عليه فكيف يترتب عليه؟ ويصير هذا من باب الإخبار بالضروريات التي لا يجهل أحد معناها، فيصير نظير قولك: "إذا قمت فيما يأتي لم يتقدم قيامك فيما مضى" ومعلوم أن قيامك في المستقبل لم يتقدم قيامك هذا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الواحدي: إن قيل: ما معنى هذا مع استحالة التقديم على الأجل وقت حضوره؟ وكيف يحسن التقديم مع هذا الأجل؟ قيل: هذا على المقاربة لأن العرب تقول: "جاء الشيء" إذا قرب وقته، ومع مقاربة الأجل يتصور الاستقدام، وإن كان لا يتصور مع الانقضاء، والمعنى: لا يستأخرون عن آجالهم إذا انقضت ولا يستقدمون عليها إذا قاربت الانقضاء. قلت: هذا بناء منه على أنه معطوف على "لا يستأخرون" وهو ظاهر أقوال المفسرين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية