الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (184) قوله تعالى: أولم يتفكروا ما بصاحبهم : يجوز في "ما" أوجه، أحدها: أن تكون استفهامية في محل رفع بالابتداء، والخبر "بصاحبهم" أي: أي شيء استقر بصاحبهم من الجنون؟ فالجنة مصدر يراد بها الهيئة كالركبة والجلسة. وقيل: المراد بالجنة الجن كقوله: من الجنة والناس ولا بد حينئذ من حذف مضاف أي: مس جنة أو تخبيط جنة.

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن "ما" نافية، أي: ليس بصاحبهم جنون ولا مس جن. وفي هاتين الجملتين: أعني الاستفهامية أو المنفية فيهما وجهان، أظهرهما: أنها في محل نصب بعد إسقاط الخافض لأنهما علقا التفكر لأنه من أفعال القلوب. والثاني: أن الكلام تم عند قوله: "أولم يتفكروا" ثم ابتدأ كلاما آخر: إما استفهام إنكار وإما نفيا. وقال الحوفي: إن "ما بصاحبهم" معلقة لفعل محذوف دل عليه الكلام، والتقدير: أو لم يتفكروا فيعلموا ما بصاحبهم. قال: "وتفكر" لا يعلق لأنه لم يدخل على جملة. وهذا ضعيف، لأنهم نصوا [ ص: 526 ] على أن فعل القلب المتعدي بحرف جر أو إلى واحد إذا علق، هل يبقى على حاله أو يضمن ما يتعدى لاثنين؟

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث: أن تكون "ما" موصولة بمعنى الذي تقديره: أو لم يتفكروا في الذي بصاحبهم، وعلى هذا يكون الكلام خرج على زعمهم. وعلى قولنا إنها نافية يكون "من جنة" مبتدأ و "من" مزيدة فيه و "بصاحبهم" خبره أي: ما جنة بصاحبهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية