الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (139) قوله تعالى: إن هؤلاء متبر ما هم فيه : "هؤلاء" إشارة لمن عكفوا على الأصنام و "متبر" فيه وجهان، أحدهما: أن يكون خبرا لـ إن و "ما" موصولة بمعنى الذي، و "هم فيه" جملة اسمية صلة وعائده، وهذا الموصول مرفوع باسم المفعول فيكون قد أخبرت بمفرد رفعت به شيئا. والثاني: أن يكون الموصول مبتدأ، و "متبر" خبره قدم عليه، والجملة خبر لـ إن. قال الزمخشري: وفي ارتفاع "هؤلاء" اسما لـ "إن"، وتقديم خبر المبتدأ من الجملة الواقعة خبرا لها وسم لعبارة الأصنام بأنهم هم المعرضون للتبار وأنه لا يعدوهم البتة، وأنه لهم ضربة لازم ليحذرهم عاقبة ما طلبوا ويبغض إليهم ما أحبوا. قال الشيخ: ولا يتعين ما قاله من [أنه] قدم خبر المبتدأ من الجملة الواقعة خبرا، لأن الأحسن في إعراب مثل هذا أن يكون "متبر" خبرا لـ إن وما بعده مرفوع، فذكر ما قررته، ونظره بقولك: "إن زيدا مضروب غلامه" . قال: فالأحسن أن يكون "غلامه" مرفوعا بـ"مضروب".

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر الوجه الثاني وهو أن يكون " متبر" خبرا مقدما من الجملة، وجعله مرجوحا وهو كما قال، لأن الأصل في الأخبار أن تكون مفردة فما أمكن فيها ذلك لا يعدل عنه. إلا أن الزمخشري لم يذكر ذلك على سبيل التعيين بل على أحد الوجهين. وقد يكون هذا عنده أرجح من جهة ما ذكره من المعنى، وإذا دار الأمر بين مرجح لفظي ومرجح معنوي، فاعتبار المعنوي أولى، ولا أظن حمل الزمخشري على ذلك إلا ما ذكرت. [ ص: 445 ] وقوله: وباطل ما كانوا كقوله متبر ما هم فيه من جواز الوجهين وما ذكر فيهما.

                                                                                                                                                                                                                                      والتتبير: الإهلاك، ومنه "التبر" وهو كسارة الذهب لتهالك الناس عليه. وقيل: التتبير: التكسير والتحطيم ومنه التبر لأنه كسارة الذهب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية