الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (98) قوله تعالى: ضحى : منصوب على الظرف الزماني، ويكون متصرفا وغير متصرف، فالمتصرف ما لم يرد به وقته من يوم بعينه نحو: "ضحاك ضحى مبارك". فإن قلت: "أتيتك يوم الجمعة ضحى" فهذا لا يتصرف بل يلزم النصب على الظرفية، وهذه العبارة أحسن من عبارة الشيخ حيث قال: "ظرف متصرف إذا كان نكرة، وغير متصرف إذا كان من يوم بعينه لأنه توهم متى كان معرفة بأي نوع كان من أنواع التعريف فإنه لا يتصرف، وليس الأمر كذلك، قال تعالى: والضحى فاستعمله مجرورا بالقسم مع أنه معرفة بأل، وقال تعالى: والشمس وضحاها جره بحرف القسم أيضا مع أنه معرف بالإضافة، وهو امتداد الشمس وامتداد النهار.

                                                                                                                                                                                                                                      ويقال: ضحى وضحاء، إذا ضممت قصرت وإذا فتحت مددت. وقال بعضهم: الضحى بالضم والقصر لأول ارتفاع الشمس، والضحاء بالفتح والمد لقوة ارتفاعها قبل الزوال. والضحى مؤنث، وشذوا في تصغيره على ضحي بدون تاء كعريب وأخواتها، والضحاء أيضا طعام الضحى كالغداء طعام وقت الغدوة يقال منهما: يضحي ضحاء وتغدى غداء. وضحي يضحى إذا برز للشمس وقت الضحى، ثم عبر به عن إصابة الشمس مطلقا ومنه قوله [ ص: 392 ] ولا تضحى أي لا تبرز للشمس. ويقال: ليلة أضحيانة بضم الهمزة. وضحياء بالمد أي: مضيئة إضاءة الضحى، والأضحية وجمعها أضاح، والضحية وجمعها ضحايا، والأضحاة وجمعها أضحى هي المذبوح يوم النحر، سميت بذلك لذبحها ذلك الوقت لقوله عليه السلام: "من ذبح قبل صلاتنا هذه فليعد" وضواحي البلد نواحيه البارزة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وهم يلعبون حال، وهذا يقوي أن "بياتا" ظرف لا حال، لتتطابق الجملتان، فيصير في كل منهما وقت وحال، وأتى بالحال الأولى متضمنة لاسم فاعل لأنه يدل على ثبات واستقرار وهو مناسب للنوم، وبالثانية متضمنة لفعل; لأنه يدل على التجدد والحدوث وهو مناسب للعب والهزل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ نافع وابن عامر وابن كثير "أو" بسكون الواو والباقون بفتحها. ففي القراءة الأولى تكون "أو" بجملتها حرف عطف ومعناها حينئذ التقسيم. وزعم بعضهم أنها للإباحة والتخيير. وليس بظاهر، وفي الثانية هي واو العطف دخلت عليها همزة الاستفهام مقدمة عليها لفظا، وإن كانت بعدها تقديرا عند الجمهور. وقد عرف مذهب الزمخشري في ذلك، ومعنى الاستفهام هنا التوبيخ والتقريع. وقال بعضهم: "إنه بمعنى النفي" كأبي شامة وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية