الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (131) قوله تعالى: ذلك أن لم يكن ربك مهلك : فيه ثلاثة أوجه أحدها: أنه مبتدأ محذوف الخبر أي: ذلك الأمر. الثاني: عكسه أي الأمر ذلك. الثالث: أنه منصوب بإضمار فعل أي: فعلنا ذلك، وإنما يظهر المعنى إذا عرف المشار إليه، وهو يحتمل أن يكون إتيان الرسل قاصين الآيات ومنذرين بالحشر والجزاء، وأن يكون ذلك الذي قصصنا من أمر الرسل، وأمر من كذب ويحتمل أن يكون إشارة إلى السؤال المفهوم من قوله ألم يأتكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله "أن لم يكن" يجوز فيه وجهان، أحدهما: أنه على حذف لام العلة أي: ذلك الأمر الذي قصصنا، أو ذلك الإتيان أو ذلك السؤال لأجل أن لم يكن، فلما حذفت اللام احتمل موضعها الجر والنصب كما عرف غير مرة. والثاني: أن يكون بدلا من "ذلك" .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزمخشري: ولك أن تجعله بدلا من "ذلك" كقوله: وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين انتهى. فيجوز أن يكون في محل رفع أو نصب على ما تقدم في ذلك، إلا أن الزمخشري القائل بالبدلية لم يذكر في محل ذلك إلا الرفع على خبر مبتدأ مضمر، و "أن" يجوز أن تكون الناصبة للمضارع، وأن تكون المخففة واسمها ضمير الشأن، و "لم يكن" في محل رفع خبرها، وهي نظير قوله ألا يرجع إليهم قولا وقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2059 - في فتية كسيوف الهند قد علموا أن هالك كل من يحفى وينتعل



                                                                                                                                                                                                                                      و "بظلم" يجوز فيه وجهان، أظهرهما: أنه متعلق بمحذوف على أنه حال [ ص: 156 ] من "ربك" أو من الضمير في "مهلك" أي: لم يكن مهلك القرى ملتبسا بظلم، ويجوز أن يكون حالا من القرى أي: ملتبسة بذنوبها، والمعنيان منقولان في التفسير. والثاني: أنه يتعلق بمهلك على أنه مفعول وهو بعيد، وقد ذكره أبو البقاء. وقوله: وأهلها غافلون جملة حالية.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية