الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (196) قوله تعالى: إن وليي الله : العامة على تشديد "وليي" مضافا لياء المتكلم المفتوحة وهي قراءة واضحة. أضاف الولي إلى نفسه. [ ص: 543 ] وقرأ أبو عمرو في بعض طرقه: "إن ولي" بياء واحدة مشددة مفتوحة، وفيها تخريجان أحدهما: قال أبو علي: إن ياء فعيل مدغمة في ياء المتكلم، وإن الياء التي هي لام الكلمة محذوفة، ومنع من العكس. والثاني: أن يكون "ولي" اسمها وهو اسم نكرة غير مضاف لياء المتكلم والأصل: إن وليا الله، فوليا اسمها والله خبرها، ثم حذف التنوين لالتقاء الساكنين كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2363 - فالفيته غير مستعتب ولا ذاكر الله إلا قليلا



                                                                                                                                                                                                                                      وكقراءة من قرأ: قل هو الله أحد الله الصمد . ولم يبق إلا الإخبار عن نكرة بمعرفة وهو وارد، قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      2364 - وإن حراما أن أسب مجاشعا     بآبائي الشم الكرام الخضارم



                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الجحدري في رواية: "إن ولي الله" بكسر الياء مشددة، وأصلها أنه سكن ياء المتكلم فالتقت مع لام التعريف، فحذفت لالتقاء الساكنين وبقيت الكسرة تدل عليها نحو: إن غلام الرجل. وقرأه في رواية أخرى: "إن ولي الله" بياء مشددة والجلالة بالجر، نقلها عنه أبو عمرو الداني، أضاف الولي إلى الجلالة. وذكر الأخفش وأبو حاتم هذه القراءة عنه، ولم يذكرا نصب الياء. وخرجها الناس على ثلاثة أوجه، الأول قول الأخفش وهو أن [ ص: 544 ] يكون ولي الله اسمها، والذي نزل الكتاب خبرها، والمراد بالذي نزل الكتاب جبريل، يدل عليه قوله تعالى نزل به الروح الأمين ، قل نزله روح القدس إلا أن الأخفش قال في قوله "وهو يتولى الصالحين" هو من صفة الله قطعا لا من صفة جبريل، وفي تحتم ذلك نظر. والثاني: أن يكون الموصوف بتنزيل الكتاب هو الله تعالى، والمراد بالموصول النبي صلى الله عليه وسلم ويكون ثم عائد محذوف لفهم المعنى، والتقدير: إن ولي الله النبي الذي نزل الله الكتاب عليه، فحذف "عليه" وإن لم يكن مشتملا على شروط الحذف لكنه قد جاء قليلا كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2365 - وإن لساني شهدة يشتفى بها     وهو على من صبه الله علقم



                                                                                                                                                                                                                                      أي: صبه الله عليه. وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      2366 - فأصبح من أسماء قيس كقابض     على الماء لا يدري بما هو قابض



                                                                                                                                                                                                                                      أي: بما هو قابض عليه. وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      2367 - لعل الذي أصعدتني أن يردني     إلى الأرض إن لم يقدر الخير قادره



                                                                                                                                                                                                                                      أي: أصعدتني به. وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      2368 - ومن حسد يجور علي قومي     وأي الدهر ذو لم يحسدوني

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 545 ] وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      2369 - فقلت لها لا والذي حج حاتم     أخونك عهدا إنني غير خوان



                                                                                                                                                                                                                                      أي: حج إليه. وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      2370 - فأبلغن خالد بن عضلة     والمرء معني بلوم من يثق



                                                                                                                                                                                                                                      أي: يثق به، وإذا ثبت أن الضمير يحذف في مثل هذه الأماكن وإن لم يكمل شرط الحذف فلهذه القراءة في التخريج المذكور أسوة بها. والثالث: أن يكون الخبر محذوفا تقديره: إن ولي الله الصالح أو من هو صالح، وحذف لدلالة قوله "وهو يتولى الصالحين" ، وكقوله: إن الذين كفروا بالذكر أي: معذبون، وكقوله: إن الذين كفروا ويصدون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية